شد الرحال إلى الأضرحة
عبد العزيز بن باز
كثير من الناس يشدون الرحال إلى الأضرحة وقبور الصالحين سائلين أهلها من الأموات شفاء مرضاهم أو قضاء حوائجهم، ويقدمون لأصحاب هذه الأضرحة النذور والذبائح، ويدعون لهم ويستغيثون بهم وما شبه ذلك من أعمال، وهذه القضية اختلفت فيها الآراء. فالذين يقومون بهذا العمل يقولون: "إن لله في الأرض عباداً يستجيب الدعاء من أجلهم"، والذي ينكرون هذا العمل يقولون: "إن هذا شرك صريح خرّج صاحبه من الملة"، فنرجو أن تلقوا مزيداًَ من الضوء على جوانب وزوايا هذا الموضوع.
أما شد الرحال لمجرد الزيارة للقبور فهذا لا يجوز على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأنه ممنوع ولأنه وسيلة إلى الشرك، والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام: في الحديث الصحيح: « » يعني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، « »، فهذه الثلاثة تشد إليها الرحال، فيدخل في ذلك بقية المساجد، ويدخل في ذلك أيضاً الأضرحة من باب أولى، فإذا كانت لا تشد الرحال إلى المساجد وهي أفضل البقاع فغيرها من البقاع التي تشد لها الرحال من أجل النذر للمدفون بها ونحو ذلك من باب أولى يمنع شد الرحال إليها.
ولهذا أصح أقوال العلماء في هذا الباب تحريم شد الرحال لزيارة القبور، وإنما تزار بدون شد الرحل، فزيارة القبور سُنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «النساء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور، فقال: « »، وفي لفظ: « »، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « »، وكان يزور أهل البقيع عليه الصلاة والسلام ويترحم عليهم ويدعو لهم بالمغفرة، أما بشد الرحال فلا، لا تشد الرحال لزيارة القبور كما لا تشد لزيارة المساجد الأخرى غير الثلاثة، وإذا قصد بشد الرحال دعاء الميت والاستغاثة بالميت فهذا منكر وحرام بإجماع المسلمين، ولو فعل هذا بدون شد الرحل، أو أتى القبور التي في المساجد بدون شد الرحل يستغيث بها أو ينذر لها أو يذبح لها أو يسألها قضاء الحاجات أو شفاء المرضى أو تفريج الكروب كان هذا منكراًَ عظيماً وشركاً ظاهراً، وهذا هو شرك الأولين شرك الجاهلية؛ حيث كانوا يفعلون هذا مع الأموات. فكانت الجاهلية تشرك بالأموات فتستغيث بهم وتنذر لهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زُلْفَىٰ} [الزمر: ٣]، كما حكى ذلك سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، قال: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ} [يونس: 18]، فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سبحانه وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]، وقال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ . أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فرد الله عليهم بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 2، 3]، فبيَّن سبحانه وتعالى أن عبادتهم إياهم بالدعاء والضراعة والاستغاثة والذبح والنذر والسجود على القبور ونحو ذلك، أن هذا هو الشرك بالله، وأن هذا هو الكفر والضلال، وأن هذا لا ينفعهم بل يضرهم، وأن زعمهم أنهم شفعاؤهم عند الله وزعمهم أنهم يقربونهم إلى الله زلفى باطل؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأصنام أو بالأشجار لا يقرب إلى الله ولا يُدني من رضاه، بل يباعد من رحمته ويوجب غضبه ويوجب النار ويبعد عن الجنة، كما قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه العظيم: {مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة: 72]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 116]، فبيَّن سبحانه أنه لا يغفر الشرك ولكن يغفر ما دونه لمن يشاء، فما دون الشرك معلق بمشيئة الله إن شاء غفره سبحانه وإن شاء عذب أصحابه إن ماتوا قبل التوبة، وأما الشرك فلا يغفر إذا مات عليه صاحبه، وكذلك الشرك يحبط الأعمال كما قال الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88].
»، فمن السنة زيارة القبور والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة للرجال خاصة دونوالشرك معناه صرف بعض العبادة لغير الله من دعاء أو خوف أو رجاء أو توكل أو ذبح أو نذر أو صلاة أو صوم ونحو ذلك، فالذي يدعو الأموات أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يزعم أنهم يشفعون له أو يقربونه إلى الله زلفى قد فعل شرك الأولين سواء بسواء، وهكذا إذا تقرب إليهم بالذبائح والنذور كله شرك بالله عزَّ وجلَّ وكله منكر يجب على أهل العلم إنكاره وبيان بطلانه وتحذير العامة من ذلك، وهذا هو نفس الشرك الذي فعله أبو جهل وأشباهه في الجاهلية مع اللات والعزى ومناة، وهذا هو شرك الأولين مع أصنامهم وأزلامهم في كل مكان، ومن المصائب أن يظن العامة أن هذا دين وأن هذا قربى، وأن يسكت على ذلك من ينسب إلى العلم ويتساهل في هذا الأمر، فإن هذا يضر العامة ضرراًَ عظيماً، فإذا سكت المنسوب إلى العلم ولم ينكر هذا الشرك ظن العامة أنه جائز وأنه دين وأنه قربى فبقوا عليه واستمروا عليه.
فالواجب على أهل العلم إنكار الشرك بالله وإنكار البدع وإنكار المعاصي والتحذير من ذلك، وتنبيه العامة إلى كل ما حرم الله عليهم حتى يحذروا من الشرك وما دونه، ولا شكَّ ولا ريب أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات وطلب شفاء المرضى وطلب المدد، أن هذا هو الشرك بالله عزَّ وجلَّ، وما يفعله كثيرٌ من الناس عند بعض القبور كما يفعله بعض الناس عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أيام الحج من بعض الجهلة، وكما يفعله كثيرٌ من الناس عند قبر السيد البدوي في مصر، وعند قبر الحسين في مصر وعند قبور أخرى، وهكذا ما يفعل بعض الناس عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، وهكذا ما يفعل عند قبور أهل البيت من بعض من يزورونها من الشيعة وغير الشيعة، وهكذا عند قبر ابن عربي بالشام، وهكذا عن قبور أخرى لا يحصيها إلا الله عزَّ وجلَّ، وهذه البلية عمت وظهر شرها وعظم ضررها بأسباب قلة العلم وقلة من ينبه على هذا الأمر الخطير، وإني أهيب بجميع أهل العلم في كل مكان أن يتقوا الله وأن ينذروا الناس من هذا الشرك، وأن يحذروهم منه ويبينوا لهم أن العبادة حق الله وحده، كما قال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، وقال عزَّ وجلَّ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]، وقال سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]، وقال عزَّ وجلَّ: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ . أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 2، 3]، وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، في آيات كثيرات تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده، وأنه لا يجوز أبداً أن يدعى أحد من دونه من الأشجار أو الأحجار أو الأموات أو الأصنام أو الكواكب أو غير ذلك، فالعبادة حق لله وحده وليست لأحد سواه لا الملائكة ولا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، بل العبادة حق الله وحده، والرسل بُعِثوا ليعلموا الناس دينهم وينذروهم من الشرك بالله ويوجهوهم إلى عبادة الله وحده، كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وقال عزَّ وجلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، في آيات كثيرات أخرى، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله عنه: « » (رواه البخاري: كتاب: الجهاد والسير، باب: اسم الفرس والحمار، رقم (2856)، ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، رقم (30))، فهما حقان: حق الله على العباد وحق العباد على الله، أما حق الله على عباده فهو حق مفترض وحق عظيم يجب عليهم أن يؤدوه وقد خلقوا لأجله كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، والله أرسل الرسل من أجله كما تقدم، فوجب على العباد أن يعبدوا الله وحده، هذا حقه عليهم حق فرضه عليهم فعليهم أداؤه، وعليهم كذلك أن يؤدوا كل ما أمر الله به ورسوله، وأن ينتهوا عما نهى الله عنه ورسوله، كل هذا من العبادة له سبحانه وتعالى، وأداء الفرائض وترك المحارم ابتغاء وجه الله وإخلاصاً له سبحانه، كل ذلك من عبادته ومن طاعته وتعظيمه، أما حق العباد على الله فهو حق تفضل وإحسان وجود وكرم، فمن كرمه وجوده وإحسانه أنه يجازيهم على التوحيد والإيمان والهدى بأن يدخلهم الجنة ويقيهم من عذاب النار، وهذا من فضله وإحسانه جل وعلا، كما يقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} [لقمان: 8]، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} [الطور: 17]، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45].
فالواجب على أهل الإسلام أن يعبدوا الله وحده وأن يخصوه بالعبادة، وأن يتفقهوا في دين الله، وأن يحذروا الشرك بالله عزَّ وجلَّ؛ فإن دعوى الإسلام مع وجود الشرك لا تنفع بل ينتقض إسلامه بشركه بالله، فالشرك ينقض الإسلام ويبطله فوجب على من ينتسب للإسلام أن يحقق إسلامه وأن يتفقه في دين الله وأن يحفظ دينه من أنواع الشرك بالله عزَّ وجلَّ حتى يبقى له إسلامه وحتى يبقى له دينه، وهكذا يجب على كل أهل الأرض من المكلفين من جنّ وإنس وعرب وعجم أن يعبدوا الله وحده، وأن ينقادوا لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، فهو رسول الله حقّاً وخاتم الأنبياء؛ لأن الله بعثه إلى أهل الأرض جميعاً من الجن والإنس ومن العرب والعجم إلى سائر الأمم، فيجب عليهم أن يعبدوا الله وأن ينقادوا لما جاء به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، كما قال الله سبحانه آمراً نبيه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28]، وقال عزَّ وجلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فهو رسول الله للجميع من الجن والإنس ومن العرب والعجم من اليهود والنصارى والفرس وجميع أهل الأرض ومن الجن والإنس، عليهم جميعاً أن يعبدوا الله ويوحدوه ويخصوه بالعبادة ولا يعبدوا معه لا ملكاً مقرباً ولا نبيّاً مرسلاً ولا شجراً ولا ميتاً ولا صنماًَ ولا وثناً ولا غير ذلك، بل عليهم أن يخصوا الله بالعبادة دون كل ما سواه، وعليهم أيضاً أن ينقادوا لما جاء به النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأن يحكموه فيما بينهم، وألا يخرجوا عن هديه وطريقته، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وقال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54]، عليه الصلاة والسلام، ويقول عزَّ وجلَّ: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]، فالمفلحون كما توضح الآية هم أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أما الذين خرجوا عن دين محمد عليه الصلاة والسلام، ولم ينقادوا لشرعه ولم يصدقوه فأولئك هم الخاسرون، هم الهالكون، وهم الضالون وهم الكافرون، من أي جنس كان، وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158]، وجعل الهداية في ابتاعه، فدل ذلك على أن من خرج من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو الخاسر وهو الضال غير المهتدي. فالهداية والصلاح والنجاة في ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إخلاص العبادة لله وحده، وفي تحكيم شريعة الله التي جاء بها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وبهذا يعلم أن الواجب على جميع الأمم توحيد الله والإخلاص له، وعلى جميع الدول أن تبعد الله وأن تلتزم شعوبها بعبادة الله وأن تدع ما هي عليه من الشرك والباطل، وهذا عام لجميع الدول ولجميع الناس، ولكن المسلمين المنتسبين للإسلام الواجب عليهم أعظم وأكبر؛ لأنهم انتسبوا إلى دين الله فوجب عليهم حق دين الله، وأن يعظموا دين الله وأن يصونوه عما حرم الله، وأن يخلصوا العبادة لله وحده حتى يتحقق إسلامهم وحتى يكونوا مسلمين حقّاً لا بالانتساب، فالانتساب لا يفيد ولا ينفع، بل يجب أن يكون إسلامهم حقاًّ بعبادة الله وحده والإخلاص له وتعظيم أمره ونهيه وابتاع النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب على الأمم الأخرى التي لا تنتسب للإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من جميع الأمم التي لا تتبع محمداًَ عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعاً أن يعبدوا الله وحده، وعليهم جميعاً أن ينقادوا للشرع الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعاً ذلك لأنهم مأمورون بذلك مخلوقون لذلك، والله بعث محمداً عليه الصلاة والسلام إلى جميع أهل الأرض من الجن والإنس، لا يجوز لأحد منهم أن يخرج عن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام كائناً من كان.
نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والتفقه في الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.