حكم من عقد بيعة لغير ولاة الأمور
عبد العزيز بن باز
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
بعض الفرق المعاصرة تعقد البيعة لأمرائها الذين يختارونهم من أنفسهم، ويرون وجوب السمع والطاعة لهم، وعدم نقض بيعتهم وهم تحت ولاة الأمراء الشرعيين الذين بايعهم عموم المسلمين، هل يجوز ذلك؟ أي بمعنى أن يكون في عنق الفرد أكثر من بيعة وما مدى صحة هذه البيعات؟
هذه البيعة باطلة ولا يجوز فعلها؛ لأنها تفضي إلى شق العصا، ووجود الفتن الكثيرة، والخروج على ولاة الأمور بغير وجه شرعي، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « » (أخرجه الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع برقم 2676، وابن ماجه في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين برقم 42، وأحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 16694)، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « » (أخرجه مسلم في كتاب الإمـارة، باب وجوب الأمراء في غير معصية الله برقم 1839)، وقال صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي برقم 4340، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية الله برقم 1840، واللفظ لمسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم برقم 1855)، والأحاديث في ذلك كثيرة جداً، كلها دالة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر في المعروف وعدم جواز الخروج عليهم، إلا أن يأتوا كفراً بواحاً عند الخارجين عليهم فيه من الله برهان.
ولا شك أن وجود البيعة لبعض الناس يفضي إلى شق العصا، والخروج على ولي الأمر العام فوجب تركه، وحرم فعله، ثم إنه يجب على من رأى من أميره كفراً بواحاً أن يناصحه حتى يدع ذلك، ولا يجوز الخروج عليه، إذا كان الخروج يترتب عليه شر أكثر؛ لأن المنكر لا يُزال بأنكر منه، كما نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله، كشيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم رحمة الله عليهما، والله ولي التوفيق.
من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "جريدة المسلمون".