حكم رفع الصوت بالدعاء والإمام يخطب
عبد العزيز بن باز
- التصنيفات: فقه الصلاة -
نعلم أن اللغو في المسجد يوم الجمعة لا يجوز ومن لغى فلا جمعة له ولكن نحن نقرأ الحديث الصحيح الذي مفاده أن ساعة الاستجابة يوم الجمعة تبدأ من صعود الخطيب على المنبر إلى أن يسلم من الصلاة، فنقوم بالدعاء في هذا الوقت فيرتفع صوتنا أحياناً وكذلك قد يذكر الخطيب اسم النبي صلى الله عليه وسلم فنصلي عليه بصوت مرتفع، وقد يقوم بعض الناس بإطلاق الصيحات أثناء الخطبة أثناء ذكر أحد الأئمة الصالحين، أو عند تأثير الخطبة على مشاعرهم وإنني أتحرج من الجمع بين هذه الأشياء وبين الحديث الذي ينهى عن اللغو في أثناء الخطبة فهل يعتبر هذا من اللغو؟
ليس الدعاء وليس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من اللغو ولكن يكون سراً بينك وبين نفسك، لا ترفع صوتك، فإذا سمعت شيئاً ما يوجب الدعاء ودعوت في حال سر بينك وبين نفسك، كالتأمين على الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا حرج في ذلك، ولكن يكون ذلك بصوتٍ خفي بينك وبين ربك لا يشوش على من حولك، وإن أنصت ولم تقل شيئاً فلا حرج عليك؛ لأنك مأمور بالإنصات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » [1]. وهو أمر بمعروف ونهي عن منكر ومع هذا سماه لغواً عليه الصلاة والسلام، فعليك أن تنصت للخطبة وتستفيد ويتعظ قلبك، لكن إن دعوت سراً عند وجود سبب الدعاء أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم سراً أو قلت: آمين، سراً فنرجو ألاَّ يكون عليك حرج؛ لأن الصلاة أعظم ويجوز فيها ذلك.
فالحاصل أنك تقول ما تقول من الدعوات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سراً بينك وبين ربك لا يكون فيه تشويش على أحد، والذين يرفعون أصواتهم في الصيحات قد أخطأوا ولا يجوز هذا الكلام، بل الواجب عليهم الإنصات والاستماع والإصغاء والتأدب حين الخطبة، أما الدعوة التي تُرجى إجابتها فإنها تكون سراً بينك وبين نفسك وبين ربك، حين يجلس الإمام بين الخطبتين وفي سجود الصلاة، أما حال الخطبة فتنصت وتُقبل على الخطبة بقلبك للاستفادة منها، وإذا أمنت على الدعوة، أو صليت على النبي صلى الله عليه وسلم سراً، فنرجو أن لا يكون هناك حرج عليك في ذلك، ولكن مع العناية بالسرية وعدم التشويش على من حولك، وفق الله الجميع.
[1] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، برقم 934.