ما حكم إمامة المرأة للرجال ؟

عبد العظيم بدوي

  • التصنيفات: مناسبات دورية -
السؤال: ما حكم إمامة المرأة للرجال ؟
الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
إمامة المرأة للرجال لا تجوز، وإذا صلّت بهم الجمعة لا تنعقد صلاتها.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبىّ بعده.
أما بعد:
فقد اتّصل بي صباح اليوم السبت 9/2/1426هـ 19/3/2005م أخ كريم من دولة الكويت الشقيقة يسألني عن حكم إمامة المرأة للرجال، فبادرت إلى ما تيّسر لي من أمهات الكتب لبحث هذه المسألة، فخرجت منها بما جعلته عنوانًا لهذا الجواب، وهو أنه لا يجوز إمامة المرأة للرجال وإذا صلت بهم الجمعة لم تنعقد صلاتها.
وإليك أقوال الأئمة في ذلك:-
1- قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى- :-
"وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور، فصلاة النساء مجزئة، وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة، لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء، وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك، ولا يجوز أن تكون امرأة أمام رجل في صلاة بحال أبدا". [ الأم صـ164.جـ1.ط.دار المعرفة ].

2- قال الإمام النووى - رحمه الله تعالى- :-
"اتفق أصحابنا على أنه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبى خلف امرأة، وسواء في ذلك صلاة الفرض والتراويح وسائر النوافل. هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله، وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين، وهو مذهب مالك وأبى حنيفة وسفيان وأحمد وداود.
وقال الشيخ أبو حامد: مذهب الفقهاء كافة أن لا تصح صلاة الرجال وراءها، إلا أبا ثور: وإذا صلت المرأة بالرجل أو الرجال فإنما تبطل صلاة الرجال، وأما صلاتها وصلاة من وراءها من النساء فصحيحة في جميع الصلوات، إلا إذا صلّت بهم الجمعة فالأصح أنها لا تنعقد صلاتها". [ المجموع شرح المهذب صـ255.جـ4.ط.دار الفكر ].

3- قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى- :-
"وأما المرأة فلا يصح أن يأتمّ بها الرجال بحال فى فرض ولا نافلة فى قول عامة الفقهاء". [ المغنىصـ199.جـ2. ط.الرئاسة العامة . السعودية ].

4- قال ابن حزم - رحمه الله تعالى- :-
"ولا يجوز أن تؤم المرأة الرجل ولا الرجال، وهذا ما لا خلاف فيه . وأيضاً فإن النصّ قد جاء بأن المرأة تقطع صلاة الرجل، مع قوله عليه السلام "الإمام جنة"، وحكمه عليه السلام بأن تكون وراء الرجل ولابدّ في الصلاة، وأن الإمام يقف أمام المأمومين ولابد، أو مع المأموم في صف واحد . ومن هذه النصوص يثبت بطلان إمامة المرأة للرجل وللرجال يقينًا. [ المحلى صـ125و126.جـ3.ط.دار الآفاق بيروت ].

5- قال الإمام الشوكانى - رحمه الله تعالى- :-
"لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز إمامة المرأة بالرجل أو الرجال شيء، ولا وقع في عصره ولا في عصر الصحابة والتابعين من ذلك شيء، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوفهن بعد صفوف الرجال، وذلك لأنهنّ عورات، وائتمام الرجل بالمرأة خلاف ما يفيده هذا. ولا يقال: الأصل الصحة، لأنا نقول: قد ورد ما يدل على أنهن لا يصلحن لتولى شيء من الأمور، وهذا من جملة الأمور، بل هو أعلاها وأشرفها، فعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" كما في الصحيحين وغيرهما، يفيد منعهن أن يكون لهن منصب الإمامة في الصلاة للرجال". [ السّيل الجرار صـ250.جـ1.ط.دار الكتب العلمية ].

6- قال ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- :-
"ولا تصح الصلاة خلف امرأة، لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تؤمن امرأة رجلا "، وهذا الحديث ضعيف، لكن يؤيده فى الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة" والجماعة قد ولّوا أمرهم الإمام، فلا يصح أن تكون المرأة إماماً لهم. ودليل آخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير صفوف النساء آخرها" وهذا دليل على أنه لا موقع لهنّ في الأمام، والإمام لا يكون إلا في الأمام، فلو قلنا بصحة إمامتهن بالرجال لا تقلب الوضع فصارت هي المتقدمة على الرجال، وهذا لا تؤيده الشريعة". [ الشرح الممتع صـ312و313.جـ4.ط.مؤسسة آسام ]

هذه أقوال الأئمة الأعلام من الأولين والآخرين.

وأختم بفتوى اللجنة الدائمة فى أذان المرأة وإمامتها:
السؤال الأول من الفتوى رقم (4522): هل يجوز للمرأة أن تؤذن ؟
الجواب: ليس على المرأة أن تؤذن على الصحيح من أقوال العلماء، لأن ذلك لم يعهد إسناده إليها ولا توليها إبان زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. [ فتاوى اللجنة الدائمة صـ82.جـ6.ط.دار المؤيد ].

السؤال الأول من الفتوى رقم (2428): هل يجوز للمرأة أن تصلى بزوجها وأهلها إذا كانت تحسن الصلاة أحسن منهم، يعنى إذا كانت تعرف أحكام الصلاة خيراً منهم ؟
الجواب : لا تصح إمامة المرأة للرجال، لأن الإمامة فى الصلاة من العبادات، والعبادات مبنية على التوقيف، والسنة العملية تدل على إمامة الرجل للرجال، ولا نعلم دليلًا يدل على أن المرأة تؤم الرجال. [ فتاوى اللجنة الدائمة صـ391و392. جـ7.دار المؤيد ] .

شبهة وجوابها:
روى الإمام أحمد وغيره عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية وكانت قد جمعت القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرها أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذن، وكانت تؤم أهل دارها.
قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى- :-
"إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، كذلك رواه الدار قطني، وهذه زيادة يجب قبولها، ولو لم يذكر ذلك لتعيّن حمل الخبر عليه، لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض، بدليل أنه جعل لها مؤذنا، والأذان إنما يشرع في الفرائض ولا خلاف في أنها لا تؤمهم في الفرائض. ولو قدر ثبوت إمامتها للرجال لكان خاصاً لها بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة، فتختص بالإمامة لاختصاصها بالأذان والإقامة". [ المغنى صـ199.جـ2.ط.الرئاسة العامة.السعودية ].
وقال أحمد بن عبد الرحمن البنا - رحمه الله تعالى- :-
"يمكن الجواب عن حديث أم ورقة بأنه ليس صريحاً في أن المؤذن والغلام كان يصليان خلفها، فيحتمل أن المؤذن كان يؤذن لها ثم يذهب إلى المسجد ليصلى فيه وكذا الغلام، فكانت تؤم نساء دارها لا غير، ويؤيده ما رواه الدار قطني عن أم ورقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لها أن يؤذن لها ويقام وتؤم نساءها" [ الفتح الربانى ترتيب مسند الإمام أحمد صـ234.جـ5.ط.دار الشهاب القاهرة ] .

اتّبعوا ولا تبدعوا فقد كُفيتم. إن الله تعالى بعث رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، وأمر بطاعته وأتباعه ونهى عن مخالفته ومعصيته، فقال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول}. وقال تعالى: {وإن تطيعوه تهتدوا}، وقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، وقال: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

فإتباع السنة واجب، ومخالفتها حرام، والسنّة قسمان:
فعليّة وتركيّة، فما فعله صلى الله عليه وسلم ففعله سنة، وما تركه فتركه سنة وفعله بدعة " لأن ما سكت الشارع عنه على ضربين:
1- ضرب سكت عنه الشارع لعدم المقتضى له، كالنوازل الحادثة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها لم تكن موجودة ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذلك فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تبين في الكليات التي كمل بها الدين.
2- والضرب الثاني أن يسكت الشارع عن الحكم الخاص، أو يترك أمراً من الأمور وموجبه المقتضى له قائم، وسببه في زمان الوحي موجود، ولم يحدد فيه الشارع أمراً زائدا على ما كان من الدين فهذا القسم باعتبار خصوصه هو البدعة المذمومة شرعاً،لأنه لما كان الموجب لشرعية الحكم موجودا ثم لم يشرع كان صريحاً في أن الزائد على ما ثبت هنا لك بدعة مخالفة لقصد الشارع". [ الإبداع فى مضارها الابتداع صـ36.ط.دار الاعتصام ].

فإذا نظرنا في مسألة إمامة المرأة وجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم بإذن فيها للنساء في المسجد ولا مرة واحدة مع وجود المقتضى له والسبب، فلما لم يأذن فيه ولم يأذن فيه الخلفاء من بعده، علمنا أن ما حدث بالأمس من إمامة امرأة للمسلمين في صلاة الجمعة بدعة ضلالة، على القائمين بها إثمها وإثم من عمل بها بعدهم إلى يوم القيامة.
لكننا على يقين من أن هذا العمل لن يكون له شأن، وإنما سيذهب مع الرياح، كما قال تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض}.

هذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

http://www.ibnbadawy.com/EmamatAlMarah.html