حكم زيارة قبر النبي يونس عليه السلام
عبد العزيز بن باز
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
ذكرتم في حلقات سابقة في هذا البرنامج عدم زيارة الأضرحة وأنها من الشرك بالله، فهل زيارة النبي يونس والنبي جرجيس في نينوى تدخل ضمن ذلك؟ وهل الصلاة فيها غير جائزة؟
زيارة القبور قسمان: زيارة شرعية، وزيارة بدعية شركية.
أما الزيارة الشرعية فهي مشروعة لقبور الصالحين والمسلمين جميعاً، وإذا عرف قبر من قبور الأنبياء كقبر نبينا صلى الله عليه وسلم تشرع له الزيارة من دون شد الرحل، فلا تشد الرحال للقبور، لا تشد إلا للمساجد الثلاثة: المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، هؤلاء الثلاثة تشد لهم الرحال، أما القبور فلا تشد لها الرحال، لكن إذا كان الإنسان في البلد وقصدها زائراً فهذا سنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « »، وفي لفظ آخر: « »، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. فإذا زار المسلم قبور المسلمين في بلده، ودعا لهم واستغفر لهم كان هذا قربة وطاعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « ». هكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يزور القبور بنفسه صلى الله عليه وسلم، ويدعو للموتى ويستغفر لهم ويقول: « ». وفي لفظ يقول: « ».
فعلى المؤمن أن يفعل مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور، ومثل ما علم أصحابه، يسلم عليهم، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، ويستغفر لهم، ويقول: «
»، هذه هي الزيارة الشرعية.وهكذا إذا زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، إذا زار المسجد ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عليه ويدعو له، ويقول: صلى الله وسلم عليك وعلى آلك وأصحابك، جزاك الله عن أمتك خيراً، وهكذا إذا زار قبور الصالحين في أي مكان، يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، ويستغفر لهم، ويسأل الله لهم العافية.
أما قبر يونس فلا يعلم أنه في نينوى، وجميع قبور الأنبياء لا تعلم ولا تعرف، فدعوى أنه موجود في نينوى أو في غيرها أمر باطل لا أصل له، وقد ذكر العلماء أنه لا يوجد قبر معروف من قبور الأنبياء البتة إلا قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة، وإلا قبر الخليل في الخليل في المغارة المعروفة، هذا هو المعروف، أما قبور بقية الأنبياء فغير معروفة، لا يونس ولا غيره من الأنبياء والرسل، قبورهم الآن غير معلومة، ومن ادعى أن قبر يونس موجود، أو فلان، أو فلان، فكله كذب لا صحة له، ولا نعلم نبياً يقال له: جرجيس، ولا يعرف من الأنبياء من يسمى: جرجيس، فالمقصود: أنه ليس هناك قبر نبي معروف غير قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة، وغير قبر الخليل في بلد الخليل في المغارة المعروفة.
وهذه الزيارة الشرعية للرجال، أما النساء فلا يشرع لهن الزيارة على الصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن زائرات القبور)، فدل ذلك على أن النساء لا يزرن القبور، وإنما الزيارة للرجال خاصة في أصح قولي العلماء؛ لما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « »، جاء هذا من حديث أبي هريرة، ومن حديث حسان بن ثابت، ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهم، فلا يشرع لهن الزيارة، ولا تجوز لهن الزيارة. ولكن يدعون لموتى المسلمين في بيوتهن وفي المساجد وفي كل مكان، وإذا زاروا المدينة دعون للنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد أو في بيوتهن وصلين عليه وسلمن عليه في أي مكان عليه الصلاة والسلام؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: « » عليه الصلاة والسلام، فإذا صلى عليه المؤمن والمؤمنة في أي مكان بلغ ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: « » عليه الصلاة والسلام.
فمشروع لك - أيتها السائلة - أن تصلي عليه صلى الله عليه وسلم في أي مكان، وعلى بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأما زيارة هذا القبر الذي يقال له: قبر يونس، فلا أصل له، ثم النساء لا يزرن القبور على الصحيح، ولكن يدعون لموتى المسلمين، ويستغفرن لموتى المسلمين في أي مكان. أما الزيارة البدعية فهي زيارة القبور؛ للصلاة عندها، أو القراءة عندها، أو الدعاء عندها، فهذه الزيارة من البدع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « » أما إن دعا أصحاب القبور، أو استغاث بهم، أو طلب منهم الشفاعة، فهذا هو الشرك الأكبر الذي كان يفعله المشركون حول القبور. فالواجب الحذر من ذلك ونصيحة من يفعله، مع التوبة إلى الله من ذلك.