رؤيةٌ شرعيةٌ لمصطلح ”تمكين المرأة “ أو”استقواء المرأة” Women Empowerment
حسام الدين عفانه
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
يتردد كثيراً في وسائل الإعلام المختلفة مصطلح ”تمكين المرأة “ فما المقصود بهذا المصطلح، وما حكم الإسلام فيه، أفيدونا؟
أولاً: مصطلح Women Empowerment” تمكين المرأة” مصطلحٌ غربيٌ، وهو من المصطلحات المحدثة، التي دخلت إلى لغتنا العربية حديثاً، وصارت تتكرر بشكلٍ كبيرٍ، وخاصةً على ألسنة الناشطات النسويات، وصار مصطلح ”تمكين المرأة” مستعملاً ودارجاً على ألسنة المثقفين والسياسيين وفي وسائل الإعلام. وهذا المصطلح انتشر من خلال الوثائق الدولية الخاصة بالمرأة، الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة مثل: وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان(1994)، ووثيقة المؤتمر العالمي الرابع للمرأة(1995) وغيرها من المؤتمرات. ولا بد أن نتعرف على نشأة هذا المصطلح، وما هي حقيقته؟ وهل تُرجم هذا المصطلح إلى العربية ترجمةً صحيحةً؟ أم أنه جرى التلاعب بترجمته، لإضفاء نوعٍ من القَبول لهذا المصطلح في مجتمعات المسلمين!
ثانياً: [لوحظ أن عدداً من المصطلحات المثيرة للجدل، يتم ترجمتُها في الوثائق الرسمية للأمم المتحدة، بشكلٍ غير دقيق. مثل: مصطلح مساواة الجندرGender Equality الذي يترجم إلى "المساواة بين الجنسين"، وشتان بين المصطلح الأصلي باللغة الإنجليزية، وترجمته الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة باللغة العربية، وبالمثل يُترجم مصطلح Women Empowerment إلى"تمكين المرأة"، وهي ترجمةٌ خاطئةٌ، تؤدى إلى تغيير المعنى والمضمون، وتوجيه الفهم باتجاه مختلفٍ تماماً. فكلمة "التمكين" هي كلمة قرآنية، تتلقاها العقلية العربية والإسلامية بمفهومٍ إيجابي، ألا وهو: تمكين المرأة من حقوقها التي منحتها إياها الشريعة الإسلامية، ولا بأس في ذلك. في حين أن المرادف لكلمة تمكين في اللغة الانجليزية هو كلمة Enabling وليسEmpowering ، أما الترجمة الصحيحة لمصطلح Women Empowerment فهي: "استقواء المرأة" فكلمة Power تعني قوة، وكلمةEmpowering تعني تقوية، وكلمة Empowerment تعني استقواء. و"استقواء المرأة Women Empowerment يعني تقوية المرأة لتتغلب على الرجل في الصراع الذي يحكم العلاقة بينهما وفقاً للثقافة الغربية التي أفرزت ذلك المصطلح، ويتماشى ذلك التفسير مع الحركة النسوية الراديكالية التي تبنت: "مبدأ الصراع بين الجنسين-الإناث والذكور- انطلاقًا من دعوى أن العداء والصراع هما أصل العلاقة بينهما، ودعت إلى ثورة على الدِّين، وعلى الله، وعلى اللغة، والثقافة، والتاريخ، والعادات والتقاليد والأعراف، بتعميمٍ وإطلاق! وسعت إلى عالمٍ تتمحور فيه الأُنثى حول ذاتها، مستقلةً استقلالاً كاملاً عن عالم الرجال] مفهوم مصطلح” تمكين المرأة “ص5.
ثالثاً: بما أن الترجمة الصحيحة لمصطلح Women Empowerment هو ”استقواء المرأة”وليس ”تمكين المرأة” فيجب أن نسميه باسمه الحقيقي، وهو ”استقواء المرأة”. ويجب أن يُعلم أن مصطلح” استقواء المرأة” هو الوجه الثاني لمصطلح الجندرGender وهو من المصطلحات الوافدة على أيدي التغريبيين وفلول الماركسيين والجمعيات النسوية المدعومة غربياً.
رابعاً: المقصود بمصطلح ”استقواء المرأة” عند واضعيه، هو ما نصت عليه: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تُعرف اختصاراً باتفاقية”سيداوCEDAW” التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة1979م والتي [ترتكز على مبدأ المساواة المطلقة والتماثل التام بين المرأة والرجل في التشريع وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي التعليم والعمل والحقوق القانونية، وكافة الأنشطة]فقد ورد في المادة(1)من اتفاقية”سيداوCEDAW: [لأغراض هذه الاتفاقية يعنى مصطلح "التمييز ضد المرأة" أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل] فالهدف إذن هو استقواء المرأة، وبالتالي القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة كما زعموا، وتمكين المرأة على رأيهم من التساوي مع الرجل في مختلف جوانب الحياة، فلذلك ركزوا على استقواء المرأة في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية.
خامساً: ”استقواء المرأة” في مجتمعنا الفلسطيني تتولى كبره الجمعيات النسوية والحقوقية، وبقايا اليسار الذين جذبتهم الأموال الغربية لأقصى اليمين، ولم يكتفوا بذلك، بل تنادوا إلى ”استقواء المرأة” بنكهات يسارية ماركسية، ولم تعجبهم الفلسلفة الأوروبية، فقد عرض أحد الكاتبين دراسةً لاستقواء المرأة مستخدماً المنهج الماركسي، في محاولةٍ لقياس مدى نجاح التمويل الأوروبي في تمكين المرأة الفلسطينية، وللتعرف على نتائج البرامج التمكينية التي أدارتها المؤسسات النسوية، بخاصة المؤسسات غير الحكومية، التي مُوِّلت بشكلٍ مباشرٍ من المؤسسات الأوروبية، منذ ما يقارب العشرين عاماً، ويعيب الكاتب على الفلسلفة الأوروبية في ”استقواء المرأة” أن كل المعالجات التي تناولت موضوع المرأة تناولتها على أنها مسألة حقوقية، دون الإدراك بأنها قَلبُ النظام المجتمعي. http: //www. maannews. net/arb/ViewDetails. aspx?ID=442942فالهدف الحقيقي لمصطلح”استقواء المرأة”هو قلب النظام المجتمعي!؟ومعلوم أن النظام المجتمعي في بلادنا مستمد من دين الإسلام.
سادساً: هنالك سياساتٌ لتطبيق وتنفيذ أهداف ”استقواء المرأة” والجندر في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية، وتُغدق الدول المانحة والأممُ المتحدة الأموال لتغطية هذه النشاطات، فقد جاء على موقع برنامج الامم المتحدة الانمائي/برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني تحت عنوان [المنظمات النسوية: وفي مجال تعزيز دور المرأة وإشراكها في التنمية والبناء، ساعد البرنامج أكثر من 300 مؤسسة نسوية، تهدف إلى تنمية المجتمع المدني، لإيمانه بأهمية وجود منظماتٍ نسويةٍ قويةٍ، تعمل على أن تشارك المرأة الفلسطينية بشكلٍ فعالٍ في القرارات التي تؤثر على حياتها] http: //www. papp. undp. org/ar/09/reswoman. htm
وورد على موقع منظمة العمل الدولية، المكتب الإقليمي للدول العربية، مقالٌ بعنوان [نحو المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في الأرض الفلسطينية المحتلة. وذكر المقال أن الأعراف الاجتماعية السائدة في المجتمع الفلسطيني من أسباب عدم تمكين المرأة.
www. ilo. org/beirut/projects/WCMS_226361/lang--ar/index. htm
وقد ترتب على هذه السياسات قيام جهاتٍ عديدةٍ حكومية وغير حكومية، بتنفيذ دمج النوع الاجتماعي"الجندر" و"استقواء المرأة"في جميع المجالات.
سابعاً: مصطلح "استقواء المرأة" مصطلحٌ تغريبيٌ يهدف إلى تدمير البقية الباقية من أحكام الإسلام في مجتمعنا، وخاصةً ما يتعلق بالأسرة المسلمة. وهذا المصطلح الذي يُروج له بالشعارات البراقة، والعبارات الخدَّاعة، هدفه الحقيقي تخريب منظومة الأسرة المسلمة، تحت مسميات زائفةٍ ومسمومة، مثل: [تحكم المرأة التام في نفسها وجسدها وخصوبتها، والذي لن يتحقق إلا من خلال تعديل منظومة القوانين بحيث يصبح من حقها أن تخرج وتعمل وتسافر بدون الحصول على إذن الزوج. وتتزوج من تشاء بدون إذن وليها. وتتحكم في العلاقة الجنسية مع الشريك تحكماً كاملاً، وتتحكم في قرار الحمل والإنجاب تحكماً كاملاً. وتحصل على الخدمات الإنجابية كاملة، بغض النظر عن عمرها أو حالتها الزوجية (المعلومات الجنسية –وسائل منع الحمل– الإجهاض قانوني). وتقتسم السلطة والمسئوليات مع الرجل داخل الأسرة (إلغاء القوامة، وإلزام المرأة بالإنفاق على الأسرة مناصفةً مع الرجل، وإلزام الرجل برعاية الأطفال والأعمال المنزلية مناصفةً مع المرأة، ويُدفع بها دفعاً إلى المواقع القيادية عن طريق ما يُسمَّى "الكوتا". وتُمكَّن من الموارد الاقتصادية، فتستقل عن الرجل وتستغني عنه تماماً. واذا كانت تحت سن الثامنة عشر يٌمنع زواجها زواجاً شرعياً، ويسمح لها بممارسة العلاقات الجنسية المحمية بدون زواج] مفهوم مصطلح ”تمكين المرأة ” ص24 بتصرف.
ثامناً: الواجب الشرعي يملي على العلماء والدعاة أن ينتبهوا إلى قضايا المرأة المسلمة، وما يُدَّبرُ لها من مكائد لإخراجها من دينها، ولتقويض الحياة الأسرية الكريمة، ولا يظنن أحدٌ أن الغربَ حريصٌ على المرأة المسلمة وإبرازها دورها الحقيقي، وإنما يقصدون بمصطلح التمكين: تمكين شياطين الإنس لتغيير فطرة الله وبالتالي: تمكين المرأة لتقوم بنفسها بعملية تغيير قسرية لفطرتها، فتصبح جنساً جديداً، فلا هي امرأةٌ مكتملةُ الأنوثة، ولا هي رجلٌ مكتملُ الرجولة، ولا هي نصف الاثنين، فتعيش الشقاء بعينه. وتمكين الرجل ليصبح مجرد ذكرٍ فقط، فقد كان رجلاً حقيقةً، له حق الولاية والقوامة، ثم أصبح نصف رجل، ثم ظلاً للمرأة يتبعها حيث شاءت، ثم غدا ذكراً يهاجم بشهوة الجنس والسيطرة فقط على عدد من الإناث. إنه تأنيثٌ قسري للرجال، ليصبحوا نساءً جالسين في البيوت، وتذكيرٌ لنسائنا، لذا نجد وثيقة الظلم العالمية، الخاصة بما يسمونه بالعنف، تعترض بشدةٍ على اختصاص الرجل بمهمة القوامة داخل الأسرة، وتعبر عن ذلك بالنص على أن: ”عدم التساوي في علاقات القوة بين النساء والرجال هو من الأسباب الأساسية للعنف] www. saaid. net/daeyat/dr-hayat/31. htm وخلاصة الأمر أن مصطلح”Women Empowerment” تمكين المرأة” مصطلحٌ تغريبيٌ، وهو كلمةٌ ظاهرها حقٌ يُراد بها باطل، وأن الترجمة الصحيحة لهذا المصطلح هو ”استقواء المرأة” وليس ”تمكين المرأة” فيجب أن نسميه باسمه الحقيقي، وأن مصطلح ”استقواء المرأة” هو الوجه الثاني لمصطلح الجندرGender وهو من المصطلحات الوافدة على أيدي التغريبيين وفلول الماركسيين والجمعيات النسوية المدعومة غربياً، وأن الهدف الحقيقي لمصطلح ”استقواء المرأة” هو قلب النظام المجتمعي. ومعلوم أن النظام المجتمعي في بلادنا مستمدٌ من دين الإسلام، فالهدف هو تدميرُ البقية الباقية من أحكام الإسلام في مجتمعنا، وخاصةً ما يتعلق بالأسرة المسلمة، وأن الواجب الشرعي يملي على العلماء والدعاة والمشايخ أن ينتبهوا إلى قضايا المرأة المسلمة، وما يُدَّبر لها من مكائد، لإخراجها من دينها، ولتقويض الحياة الأسرية الكريمة، وأن يتصدوا لهذه الأفكار الخبيثة، وأن يُبينوا للناس عامةً وللنساء خاصةً، المكانة الكريمة التي تبوأتها المرأةُ في دين الإسلام.