ترك المأموم ركنًا من الصلاة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الصلاة - فتاوى وأحكام -
السؤال:

سؤالي: هو عن حالةٍ حدثتْ لأحد المصلِّين في صلاة الجماعة.
فبَعْد الرفع من الرُّكوع وقوْل الإمام: "سمِع الله لمن حمده"، ما كان من أحد المصلِّين إلا أن انحطَّ إلى السُّجود دون أن يعتدل من الركوع، وبقي ساجدًا إلى أن كبّر الإمام للسجود، فرفع ذلك المصلِّي رأسَه من السجود وجلس للتشهُّد، فلمَّا رأى الجماعةَ ساجدين، سجد معهم، وأكمل صلاتَه مع الجماعة، وكأنَّ شيئًا لم يكن.

والسؤال: هل يجبر صلاته بالجماعة ترْك ركنٍ وهو الاعتدال؟ وماذا كان عليْه أن يفعل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإذا أخلَّ المأموم بأحد أرْكان الصَّلاة سهوًا خلف إمامه، بطلت تلك الرَّكعة التي فاتَه فيها الرُّكن، والواجب عليه أن يأتي بركْعةٍ كاملةٍ بعد سلام الإمام، ثم يسجُد للسَّهو بعد ذلك؛ والأصل في ذلك ما أخرجه الجماعة من حديث أبِي هُريرة - رضي الله عنه، واللفظ لمسلم - قال: "صلَّى بنا رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إحدى صلاتَي العشي - إمَّا الظهر وإمَّا العصْر - فسلَّم في ركعتين، فقام ذو اليديْن فقال: يا رسول الله، أقصرتِ الصَّلاة أم نسيتَ؟ فنظر النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يمينًا وشمالاً فقال: «ما يقول ذو اليدين؟!»، قالوا: صدق، لَم تصلِّ إلا ركعتين، فصلَّى ركعتين وسلَّم، ثم كبَّر، ثمَّ سجد، ثم كبَّر فرفع، ثمَّ كبَّر وسجد، ثم كبَّر ورفع".

وهو قول عامة أهل العلم إلا أن الجمهور من الحنفيَّة والمالكيَّة والشافعيَّة أسْقطوا عنه سجود السَّهو، وأوجبه الحنابلة كما في "مطالب أولي النَّهى"، وهو الراجح؛ لعموم الأحاديث الواردة في سجود السهو، والتي لم تفرق بين مأموم ومنفرد وإمام.

ولكن إذا لم يفعل المخطئ حتَّى طال الوقْت أو انتقض الوضوء، فعليْه أن يُعيد الصَّلاة؛ قال ابنُ قدامة في "المغني": "فإن طال الفصْل أو انتقض وضوءُه، استأنف الصلاة، ويرجع في طول الفصْل وقِصَره إلى العادة من غير تقدير".

ومما سبق يتبيَّن أنه كان يجب على ذلك المسيء في صلاته أن يأتي بالركن الذي تركه بعد سلام الإمام، ثم يسجد للسهو؛ لأن الإمام لا يحمل عن المأمومين الإخلال بالأركان.

وأما إن كان ذلك الرجل قد ترك الاعتدال من الركوع متعمدًا، فقد بطلت صلاته ويجب عليه التوبة والاستغفار وإعادة الصلاة.

والله أعلم.