علاقة البنوك الإسلامية بسلطة النقد الفلسطينية

حسام الدين عفانه

  • التصنيفات: فقه المعاملات -
السؤال:

أرجو توضيح أوجه العلاقة التي تربط سلطة النقد الفلسطينية بالبنوك الإسلامية الفلسطينية؟

الإجابة:

أولاً: سلطة النقد الفلسطينية هي بمثابة البنك المركزي بجميع صلاحياته ما عدا إصدار النقود، وتتولى سلطة النقد الفلسطينية الإشراف على جميع البنوك العاملة في فلسطين، [قامت سلطة النقد منذ إنشائها بإصدار تعليماتٍ تتعلق بالجوانب الأساسية للحوكمة الجيدة لا سيما في مجالات التدقيق الداخلي والخارجي وتشكيل مجالس إدارة المصارف وغيرها من الجوانب الأخرى. . . لذلك فقد عملت سلطة النقد على إعداد دليلٍ متكاملٍ لمبادئ ومعايير الحوكمة الجيدة في المصارف. ويندرج هذا الدليل ضمن جهود سلطة النقد الرامية إلى وضع قواعد الممارسات الفضلى لحوكمة المصارف في فلسطين، وإلى تحسين وتطوير أداء المصارف بما يتوافق مع الممارسات الدولية الفضلى في مجال الحكم المؤسسي الجيد. . . وتسعى سلطة النقد للتحول الى بنك مركزي كامل السلطات والصلاحيات] وقد نظمت سلطة النقد الفلسطينية العمل المصرفي في فلسطين من خلال إصدار القوانين والتعليمات التي تنظم أعمال البنوك بما في ذلك البنوك الإسلامية.

ثانياً: وضعت سلطة النقد الأسس التنظيمية لعمل البنوك الإسلامية من خلال قانون المصارف رقم(2)لسنة2002م، وقانون رقم(9)لسنة2010م، ومجموعة من التعليمات الصادرة، وأهم ما ورد فيها: أنها عرفت المصرف الإسلامي: بأنه المصرف الذي يُرخص له بممارسة الأعمال المصرفية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، وأكدت هذه القوانين والتعليمات على أن أعمال البنوك الإسلامية خاضعةٌ لأحكام الشريعة الإسلامية، فقد جاء في المادة(71)من قانون المصارف رقم(2)لسنة 2002م:
[تخضع جميع أعمال المصارف الإسلامية وأنشطتها لما تفرضه أحكام الشريعة الإسلامية].  
وورد في المادة(20)وقانون رقم(9)لسنة 2010م:
[(1)تمارس المصارف الإسلامية جميع أعمالها وأنشطتها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ولما تعتمده هيئة الرقابة الشرعية في المصرف، وبما لا يتعارض مع هذا القانون وأنظمة وتعليمات وقرارات سلطة النقد الصادرة بمقتضاه.
(2)يحظر على المصارف الإسلامية التعامل بما يلي:
(أ)دفع أو قبض فائدةٍ على الائتمان بجميع أنواعه. وأشكاله، سواء كان ذلك اقتراضاً أو إقراضاً، بما يشمل أية رسومٍ يدفعها المقرض غير مرتبطة بجهد يستحق التعويض.
(ب)فائدة البيوع في إطار العمل المصرفي في حالات الصرف المرتبط تنفيذها بأجل وكذلك الفائدة التي تنطوي عليها] وقد بينت هذه القوانين والتعليمات الأعمال التي تمارسها المصارف الإسلامية: [يجوز للمصارف الإسلامية ممارسة الأنشطة الإضافية التالية:
(أ)الأنشطة المصرفية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها.
(ب)القيام بدور الوكيل في مجال الخدمات الاجتماعية وتقديم القروض الحسنة وإدارة الصناديق المخصصة للغايات الاجتماعية.
(ج)القيام بدور الوصي لإدارة التركات وتنفيذ الوصايا وفقاً لأحكام الشريعة.
(د)تأسيس الشركات في مختلف المجالات وخاصةً ما يلزم منها للأنشطة المصرفية الإسلامية.
(هـ)تملك العقارات والملكيات وبيعها واستثمارها وتأجيرها واستئجارها بما في ذلك استصلاح الأراضي المملوكة أو المستأجرة.
(و)إنشاء صناديق خاصة للحماية من المخاطر لصالح المصرف الإسلامي أو عملائه.
(ز)إصدار وتداول الصكوك أو أية أدوات مالية إسلامية أخرى.
(ح)أية أعمال أخرى تتفق مع التعليمات والقرارات الصادرة عن سلطة النقد بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها]. 

ثالثاً: ألزمت هذه القوانين والتعليمات البنوك الإسلامية بتعيين هيئة رقابةٍ شرعيةٍ، فقد ورد في المادة(75)من قانون المصارف رقم(2)لسنة2002م:
[يلتزم المصرف الإسلامي بتعيين هيئة رقابة شرعية قبل مباشرته لأعماله، لا يقل عدد أفرادها عن ثلاثة أشخاص، ويكون رأيها ملزماً في جميع نشاطاته]
وورد في المادة(24)من قانون رقم(9)لسنة 2010م:
[(1)يجب على كل مصرفٍ إسلامي تعيين هيئة رقابة شرعية قبل مباشرته لأعماله، على أن لا يقل عدد أفرادها عن ثلاثة أشخاص مختصين بفقه الشريعة ومن ذوي الخبرة بعمل المؤسسات المالية الإسلامية، وتكون قراراتها ملزمةً في جميع أعمال المصرف، وبما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون وأنظمة وتعليمات سلطة النقد.
(2)تُعين هيئة الرقابة الشرعية من قبل الجمعية العمومية للمصرف بناءً على توصية مجلس الإدارة بعد مصادقة سلطة النقد، ولا يحق فصل أي عضو من أعضائها إلا بموافقة خطية من سلطة النقد.
(3)تتولى هيئة الرقابة الشرعية مسؤولية التأكد من كون جميع أعمال المصرف ونشاطاته متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها قبل مباشرة المصرف بالقيام بهذه النشاطات والأعمال وخلال تنفيذها ولدى الانتهاء منها. . . يجب على كل مصرف إسلامي تعيين مراقب شرعي مقيم أو أكثر مختص يكون مرتبطاً مع هيئة الرقابة الشرعية وفقاً لتعليمات تحددها سلطة النقد].  
وقد نصت القوانين والتعليمات على مهام هيئة الرقابة الشرعية التي تشمل:
الرقابة على أعمال وأنشطة المصرف الإسلامي للتأكد من توافق أعماله مع أحكام الشريعة الإسلامية، ومتابعة ومراجعة العمليات للتحقق من خلوها من أي محظورٍ شرعي.
وتكوين وإبداء الرأي حول مدى التزام المصرف بالشريعة وتقديم التقارير الرقابية الشرعية الدورية لمجلس الإدارة والتقرير الرقابي الشرعي نصف السنوي والسنوي للهيئة العامة ونشر تقريرها، على أن يتضمن التقرير الأنشطة المخالفة للشريعة إن وجدت.
وإعداد دليل عمل شرعي للمصرف وهو دليل الإجراءات الذي يشمل مختلف عمليات المصرف، ووضع القواعد اللازمة لضبط التعامل مع المصارف التقليدية. والتأكد من وجود نظامٍ رقابي داخلي سليم يضمن تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية طبقاً لما تقره هيئة الرقابة الشرعية للمصرف. ووضع برامج الرقابة الشرعية والتي تتضمن مراقبة كافة أنشطة المصرف وفق خطة محددة.
واعتماد صيغ العقود اللازمة لأعمال وأنشطة المصرف والاتفاقيات، والسياسات، والمنتجات، والمعاملات، والقوائم المالية.
والرد على الاسئلة والاستفسارات المقدمة لها، سواء من العاملين بالمصرف أو المتعاملين معه أو المساهمين عند مناقشة الحسابات الختامية.
وتقديم التوجيه والإرشاد والتدريب لكافة موظفي المصرف فيما يتعلق بالأحكام الشرعية والفتاوى ذات العلاقة.
والتوعية والتثقيف للعاملين في قطاع العمل المصرفي الإسلامي.
واعتماد سياسة توزيع الأرباح وتحميل الخسائر على حسابات الاستثمار. تحديد أوجه الصرف وإجازة الصرف من صندوق المكاسب غير الشرعية.

رابعاً: الأصل المقرر عند الفقهاء أنه لا يجوز للمصرف الإسلامي أن يتعامل بأي معاملةٍ تؤدي إلى مكاسب غير شرعية، ولكن نتيجة وقوع أخطاءٍ في تنفيذ بعض المعاملات، ونظراً لبعض الظروف الخارجة عن إرادة المصارف الإسلامية فقد يدخل على المصرف مكاسب غير شرعية، وهذه المكاسب تصرف في أعمال البر والنفع العام، ويُمنع البنك وموظفوه من الاستفادة منها، ورد في تعليمات سلطة النقد رقم(5/2013):
[يقصد بالمكاسب غير الشرعية جميع المكاسب التي تحققت للمصرف من مصادر أو طرق تحرمها أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية. والتي تتطلب عنايةً خاصةً سواء فيما يتعلق بتجنيبها من نتائج أعمال ونشاطات المصرف والإفصاح عنها وطرق التصرف بها، يجب على المصرف إعداد سياسة معتمدة من هيئة الرقابة الشرعية ومجلس إدارة المصرف تقوم على أساس تخفيض حجم المكاسب غير الشرعية وتفعيل دور الرقابة الشرعية الداخلية للحد من هذه المكاسب. وتشمل هذه السياسة: تسجيل المكاسب غير الشرعية في حساب خاص. تحديد أوجه صرف المكاسب غير الشرعية، بحيث يتم حظر إنفاق أية مبالغ من رصيد المكاسب غير الشرعية تعود بالنفع على المصرف وموظفيه. التخلص من رصيد المكاسب غير الشرعية والمترصدة خلال العام في أوجه البر والخير وفي أوجه النفع العام]. 

خامساً: تفرض سلطة النقد على البنوك عامةً حجز نسبةٍ من الأموال كاحتياطيات نقديةٍ إلزاميةٍ على إجمالي ودائع العملاء القائمة لديها وذلك لتغطية المخاطر المختلفة، وهذا يجري على البنوك الإسلامية. وتقوم سلطة النقد باستثمار تلك الأموال في مصارف إسلامية، وتدفع أرباحها للبنوك الإسلامية.

وخلاصة الأمر أن سلطة النقد الفلسطينية هي بمثابة البنك المركزي بجميع صلاحياته ما عدا إصدار النقود، وتتولى الإشراف على جميع البنوك العاملة في فلسطين، وأن سلطة النقد وضعت الأسس التنظيمية لعمل البنوك الإسلامية من خلال القوانين والتعليمات التي أصدرتها، وبينت أن المصرف الإسلامي هو الذي يرخص له بممارسة الأعمال المصرفية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، وأكدت هذه القوانين والتعليمات على أن أعمال البنوك الإسلامية خاضعةٌ لأحكام الشريعة الإسلامية، وأنه يُحظر على المصارف الإسلامية التعاملُ بالفوائد الربوية بجميع أنواعها وأشكالها، وأنه يجوز للمصارف الإسلامية ممارسة الأنشطة المصرفية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها.
وقد ألزمت هذه القوانين والتعليمات البنوك الإسلامية بتعيين هيئة رقابةٍ شرعيةٍ وتكون قراراتها ملزمةً في جميع أعمال المصرف، وأن الأصل المقرر عند الفقهاء أنه لا يجوز للمصرف الإسلامي أن يتعامل بأي معاملةٍ تؤدي إلى مكاسب غير شرعية، ولكن نتيجة وقوع أخطاء في تنفيذ بعض المعاملات، ونظراً لبعض الظروف الخارجة عن إرادة المصارف الإسلامية فقد يدخل على المصرف مكاسب غير شرعية، وهذه المكاسب تصرف في أعمال البر والنفع العام، ويُمنع البنك وموظفوه من الاستفادة منها، وأن سلطة النقد تفرض على البنوك عامةً حجز نسبةٍ من الأموال كاحتياطيات لديها لتغطية المخاطر، وهذا يجري على البنوك الإسلامية، وتقوم سلطة النقد باستثمار هذه الأموال في مصارف إسلامية، وتدفع أرباحها للبنوك الإسلامية.

والله الهادي إلى سواء السبيل.