فضل الشهادة في سبيل الله ودرجاتها
الشبكة الإسلامية
- التصنيفات: فقه الجهاد -
لدي عدة أسئلة بخصوص حديثين:
(1) « » (الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 2601، خلاصة حكم المحدث: صحيح). هل يقصد بخير الناس منزلة في هذا الحديث أنه خير الناس منزلة في الآخرة؟ وهل يقصد أنه خير الناس منزلة على الإطلاق – بعد الوسيلة التي نسأل الله تعالى أن يجعلها لنبينا، وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم –؟ وماذا لو أن أكثر من شخص من الناس فعل ما في الحديث؟ فهل يكون التفاضل بالأعمال الأخرى، كالنوافل - نوافل الصلاة، والصيام، والصدقة - وغيرها من العبادات، والمعاملات، والأخلاق، أم يكتفي المرء بعمل ما جاء في الحديث، ولا يشتغل بغير ذلك من النوافل؟ ولا تنسوا الحديث الذي في صحيح مسلم: « »، ولم أستطع التوفيق بين هذا الحديث والحديث السابق، وهل يمكن أن تدلوني على شرح الحديث مفصلًا أين أجده؟
(2) « »، قالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فيهِ: « »، قالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فيهِ: « » (الراوي: عتبة بن عبد السلمي. المحدث: الألباني. المصدر: تخريج مشكاة المصابيح. الصفحة أو الرقم: 3782. خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح). يتضح من هذا الحديث أن هناك تفاضلا بين المؤمن الأول والثاني، فليست منزلة الأول كالثاني، حتى وإن كان الثاني وعد بأن تمحى خطاياه، ما الفرق بين المؤمن الأول والثاني؛ إذ إن كل بني آدم خطاء؟ وليس هناك مؤمن - ولا إنسان - إلا وخلط عملًا صالحًا، وآخر سيئًا، إلا من عصمه الله تعالى من ذلك، فهل يقصد بالذي خلط العمل الصالح والسيء أنه من قتل، ونال الشهادة، وهو لا زال قائمًا على الذنوب لم يتب منها؟ لأن « »؟ وهل هذا العمل السيء يقصد به الكبائر مثلًا دون الصغائر؟ وكيف يحرص الإنسان على أن يكون من الصنف الأول – الشهيد الممتحن – إذا اقترف من الذنوب والخطايا شيئًا كثيرًا؟ أي: هل هناك ما يفعله غير التوبة؟ هل يمكن أن يقصد في الحديث أن المؤمن الذي اقترف الذنوب والخطايا، أو خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا أنه لا أمل له في الوصول لدرجة الشهيد الممتحن، وإن فعل ما فعل، أو حتى وإن تاب؟ هل هناك شرح لهذا الحديث في الكتب، فأنا أريد كلامًا مفصلًا، والحديث يدل بوضوح على أن المؤمن الذي لم يقترف الذنوب والخطايا – والله تعالى أعلم بنوعها – أو ربما الذي تاب منها، أنه يبلغ - بإذن الله عز وجل – وفضله، وكرمه، ورحمته أقصى ما يمكن الوصول إليه، فكما في الحديث: « » وفي رواية أخرى للحديث: « ». وأخيرًا: وبعد الاعتذار على الإطالة، وكثرة الأسئلة، هل يمكن أن تكون هذه الأسئلة كلها التي سألتها لكم من التنطع، أو كثرة السؤال المذموم، أو الغلو، أو غير ذلك مما هو مذموم شرعًا - والعياذ بالله تعالى -؟ لكني في الحقيقة أحب الدقة والتفاصيل، وأن أعلم كيف أعمل على أفضل وجه يحبه تعالى ويرضاه - ولست أسأل لمجرد السؤال - أسأله عز وجل أن ييسر لي ولكم أحب وأفضل العمل إليه، آمين، وجزاكم الله تعالى خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن المجاهد في سبيل الله هو أرفع المؤمنين منزلة في الآخرة، كما في الحديث: «البخاري).
وفي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: « ».
ولا يعني هذا أن يترك المجاهد بقية الأعمال المرغب فيها، فإن الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يحرصون على جميع الطاعات، فكانوا أسودًا بالنهار، رهبانًا بالليل، وهذا أبو بكر - رضي الله عنه - مع كونه أول المجاهدين، وأفضل المهاجرين، كان سباقًا للخيرات، حريصًا على فعلها جميعًا، كما في الحديث الذي ذكرت، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ».
ثم إن المجاهدين يتفاضلون بحسب مجاهداتهم، وبحسب مشاركاتهم في أبواب الخير، كما تدل له النصوص الشرعية، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: « » (رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، وصححه الألباني).
وفي الحديث: « » (رواه ابن أبي عاصم، وصححه الألباني).
قال الحافظ في الكلام على الشهداء: والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواء، ويدل عليه ما روى أحمد، وابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: « » (رواه الحسن بن علي الحواني في كتاب المعرفة له بإسناد حسن من حديث ابن أبي خالد)، قال: كل موتة يموت بها المسلم، فهو شهيد غير أن الشهادة تتفاضل ..... انتهى.
ومن لم يقم بالجهاد، وقام بالواجبات العينية، وعمل بما يرضي الله تعالى من الطاعات، فنرجو أن يكون على خير، وأن يدخل الجنة، كما يدل له الحديث الذي ذكر السائل، والحديث الذي أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ».
وأما استشكالاتك المتعددة حول الحديث الثاني: فنرجو أن ترسلها في سؤال آخر - بارك الله فيك، وجعلك من أوعية العلم -.
والله أعلم.