ولاء وميراث الأرقاء الذين تشتريهم الدولة أو تأمر بعتقهم
الشبكة الإسلامية
- التصنيفات: التصنيف العام -
لقد قامت كثير من الدول الإسلامية بإعلان تحرير الأرقاء منذ عشرات السنين، وذلك مقابل تعويض سادتهم بمبالغ مالية، والسؤال: هل بقي لسادتهم السابقين ممن تسلموا تعويضاتهم أي ولاء على أولئك الأرقاء الذين حررتهم الحكومات؟ وفي حالة الوفاة وعدم وجود وارث، هل يحوز الميراث من قد تسلم تعويضه عن عبده؟ أو أن الميراث يكون للدولة التي دفعت التعويض؟ وإذا كان للدولة فهل هو من جهة التعصيب والولاء، أو لكونه لا وارث له؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن العبد إذا اشترته الدولة بمال الخزانة العامة وأعتقته يكون ولاؤه لعامة المسلمين، لشبهه بمن اشتري بمال الزكاة، ولا يكون ولاؤه لمالكه الأصلي، لأن الولاء لمن أعتق، كما في حديث الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ».
قال مالك في المدونة: إنما تفسير "وفي الرقاب" أن يشتري رقبة يفتديها فيعتقها فيكون ولاؤها لجميع المسلمين.
وهذا إذا كانت الدولة قد اشترتهم وأعتقتهم، أما إذا أمرت الدولة سادة الأرقاء بعتقهم مقابل تعويض لهم فإن الولاء يكون للسادة. قال ابن قدامة في المغني: ولو قال: أعتقه والثمن عليَّ، كان الثمن عليه والولاء للمعتق، وإنما كان الثمن عليه لأنه جعل له جعلا على إعتاق عبده فلزمه ذلك بالعمل، والولاء للمعتق لأنه لم يأمره بإعتاقه عنه، ولا قصد به المعتق ذلك فلم يوجد ما يقتضي صرفه إليه، فيبقى للمعتق، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: « ».
وبناء على الاحتمال الأول فإن ميراث الموالي عند عدم وجود وارث يوضع في بيت مال المسلمين إذا كان منتظما، وإن لم يكن بيت المال منتظما فإنه يوضع في المصالح العامة كالمدارس الدينية وغيرها، كما قال المباركفوري في شرح الترمذي: وإنما ورثت الدولة ماله من جهة الولاء والتعصيب وعدم وجود وارث من النسب، لأن الولاء يعصب به، كما في الحديث: « » (رواه الحاكم وصححه، ووافقه الألباني).
وبناء على على الاحتمال الثاني، فإنه يرث المولى معتقه إن كان حيا ثم أقرب عصبته.
قال ابن قدامة في المغني: إن المولى العتيق إذا لم يخلف من يرث ماله كان ماله لمولاه، فإن كان مولاه حيا فهو لأقرب عصبته، ونسب هذا القول لجمهور أهل العلم.
والله أعلم.