الذهاب للجهاد أولى أم البقاء لرعاية الأخت حتى لا تنحرف
الشبكة الإسلامية
- التصنيفات: فقه الجهاد -
أنا شاب من سوريا، ومن المعلوم أن الجهاد حالياً فرض عين على كل مسلم، ولكن لدي مشكلة, أريد أن تفتوني: هل يجوز ترك الجهاد بسبب هذه المشكلة؟ المشكلة هي أن لي أختاً -أكبر عمراً مني- تسعى للخروج عن تعاليم الدين وأحكامه، وإلى التفلت والبعد عن الضوابط الأخلاقية والشرعية (مثلاً خلع الحجاب، والخروج مع الشباب .... وغير ذلك) والضابط الوحيد لها الآن هو والدي الذي يمنعها من ذلك. والفكرة هي أني أخشى أن أذهب إلى الجهاد, وفي غيابي يصيب والدي مكروه ما، في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلد؛ وبالتالي تستطيع أن تصل أختي لمبتغاها بسبب زوال الضابط الذي يمنعها (وفي ظل غيابي أيضاً) أفتوني أيهما أولى -شرعاً- البقاء مع أختي خشية زوال الضابط الذي يمنعها من التفلت (والدي), أم الذهاب إلى الجهاد الذي هو فرض عين؟ الرجاء عدم تسجيل أي بيانات شخصية عني (اسم , إيميل ....) لأسباب أمنية. وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد بينّا الحالات التي يكون فيها الجهاد فرض عين في فتاوى سابقة. كما ذكرنا فتوى رابطة علماء سوريا في حكم الجهاد في سوريا لمن كان داخل سوريا.
أما خوفك أن يصيب والدك مكروه فتبقى أختك بلا رقيب ولا رادع، فإن هذا وارد لكل إنسان على وجه الأرض، كما أن وفاة والدِك عندها ليست - في علمك - بأولى من وفاتك عندهما، أو وفاتكما عندها، وليس هذا الخوف ولا ما ترتب عليه بمانعٍ من الجهاد، لا سيما إذا كان فرض عينٍ على شخصٍ ما، فإن كونه فرض عين عليه يسقط وجوب إعالة الوالدين وإن كانت عليه فرضَ عينٍ؛ لتقدُّم المصلحةِ العامة على المصلحة الخاصة، فكيف وليس بقاؤك مع أختك بفرض عين ولا ما تخشاه عليها محققاً؟
أما أختك فأوصِ والدك عليها، وانصحها وذكرها بتقوى الله وبحقه عليها، وألا تستسلمَ لشهواتها ووساوس الشياطين، وذكرها بالوضع الراهن في البلد، وأن الله يبتلي عباده بمثل هذه الظروف، ويختبرهم، ليعلم الصادق من الكاذب، ويمحّص المؤمنين، كما هي سنة الله تعالى في عباده، قال تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ {آل عمران:140، 141}، وقال تعالى:وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت:3}، وقال تعالى: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ{محمد:4}، وقال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ {آل عمران:142}. وهذا ينبغي أن يعتبر به كل مسلم، سواءً كان داخل سوريا أو خارجها.
وينبغي مع ذلك أن تحضها على مراقبة الله تعالى في أعمالها، وأن لا يكون امتناعها عن المحرمات هو فقط لأجلك أنت أو أبيك، بل الواجب أن يكون ذلك لله تعالى، فهو الرقيب على عباده، قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{النساء:1}، وقال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18}.
وأكثِرْ من الدعاء لها بالهداية، وأن يقيها الله شر الفتن والمعاصي، وأن يصون عِرضكَ من خلفك، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج في سفرٍ قال: اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. رواه مسلم.
وتحرّ مواطنَ الإجابة؛ الحالية: كالسفر، والجهاد، والعبادة. والزمنية: كالثلث الأخير من الليل.
وتوكل على الله في دعائك، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، واستودعها وأباك اللهَ؛ فإن الله لا تضيع ودائعه.
يسر الله أمرنا وأمركم، وهدانا وإياكَ وإياها إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، وأعزّ المسلمين ونصرهم، وأيدهم ووحّد كلمتهم وأظهر دينه في الأرض، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله - جل وعلا - أعلم.