حكم توزيع الماء فى المقبرة
عبد المحسن بن عبد الله الزامل
- التصنيفات: الموت وما بعده -
انتشر كثيرًا بين الناس توزيع الماء في المقبرة، فهل في هذا شيء؟
في الغالب أن توزيع الماء في المقبرة، يراد به إعانة الحاضرين، ممن يحضرون، لدفن الميت، أو تشييع الجنازة، ثم يمكثون حتى توضع في اللحد، ثم تدفن ويحال التراب عليها، ثم يقفون بعد ذلك يدعون، وربما جاء قوم لم يصلوا فيصلون، على هذا الميت، فقد يحتاجون إلى الماء، فيكون تحصيله عونًا على أمر السنة في هذا، بدل أن يذهب هذا الذي يحتاج الماء، فقد لا يعود أو يكسل عن الرجوع ، أو ربما يستعجل، فالمقصود أن الأعمال بالنيات، والأمور بمقاصدها، فإن كان القصد من ذلك هو الصدقة، واعتقاد أن هذا المكان، مكان يشرع الصدقة فيه، فهذا لا يجوز، لأنه اتخاذ هذه الأماكن عبادة، وتخصيصها يشبه النحر عند القبور، والصلاة عند القبور، بقصد طلب البركة عند القبور، فهذا من جنس فعل أهل الشرك، فهو يكون بدعة في أول الأمر، ثم قد يؤل إلى ما هو أكبر، لكن غالب هذا ما يراد به الهدية، والإعانة على أمر السنن، وهذا واقع، وليس من جنس العبادة، ذلك أن الشرب والأكل، من عادات الجبلية، فلا يدخل في باب العبادة، لأنه ربما يطعم غيره، ينوي به الصدقة، وربما يطعم غيره يريد به أن يستعين به على العبادة، مثل تفطير الصائم، فإن فيه أجرًا، من جهة أنه فطر الصائم، وفيه أجر من جهة أنه قوى الصائم على العبادة، وقد يكون الذي أطعمته غنيًا، وقد يكون فقيرًا، فإذا كان فقيرًا كان فيه المصلحتان، وهو تفطير الفقير، وكذلك إعانته على العبادة، فالأمور بمقاصدها كما تقدم، فلهذا إذا كان على هذا الوجه، لا بأس به، وعند التأمل يتبين الحال في مثل هذا، فلا ينبغي التشتيت في مثل هذا، في مثل هذه المسألة، أو التضيق على الناس في مثل هذا الأمر، لأن الناس قد يحتاجون في الغالب في وقت شدة الحر إلى الماء في القائلة، أو العصر مثلًا، وخاصة في الأيام الحارة، هذا إعانة على الخير، وإعانة على البر والأصل السلامة من مثل هذه الأمور، السلامة من المنع، مادام أن هذا شراب وليس هو عبادة مقصودة بالأصل، ولهذا لو أن إنسان أحضر معه ماء وشربه، لا ينازع أحد في أنه جائز، لو أحضر معه ماء فهو له، فلو طلبه الأنسان منه أعطاه إياه، فلا ينازع أحد أن، أو هو قدمه لغيره أنه لا بأس به، فلو أنه أتى بزيادة، ووزعه على غيره ممن يحتاج إليه، فهذا لا بأس به كما تقدم.