حكم الحركة وقت خطبة الجمعة
الشبكة الإسلامية
- التصنيفات: فقه الصلاة - خطب الجمعة -
إذا عطس المسلم أو كح أثناء الجلوس لسماع خطبة الجمعة فوضع يده، أو أخرج منديلاً ليمسح به، أو إذا اضطر لتعديل جلسته، أو تحريك رجليه ـ لأنه إذا لم يتحرك أبدًا فستصاب رجلاه بالتنميل ـ أو إذا قام بحك جلده، أو رأسه، أو إذا قام بفرك عينيه أو أذنيه، لا سيما إن دخل شيء في العينين أو الأذنين، وما شابه ذلك من حركات خفيفة، فهل تعد هذه الأمور السابقة من اللغو، كمس الحصى الذي جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم -وهو: من توضَّأ فأحسن الوضوءَ، ثمَّ أتَى الجمعةَ فاستمع وأنصت، غُفر له ما بينه وبين الجمعةِ وزيادةُ ثلاثةِ أيَّامٍ، ومن مسَّ الحصَى فقد لغا-؟ وإذا فعل المسلم ما يعد لغوًا فهل يفوته تحصيل الأجر الوارد في هذا الحديث -جزاكم الله تعالى خيرًا-؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد: فما كان من تلك الأفعال التي ذكرتها لا حاجة له، فإن فعلها حال الخطبة عبث، وحكمها حكم الانشغال بالحصى الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مسه أثناء الخطبة، فقال: ومن مس الحصى فقد لغا. رواه مسلم.
قال الإمام النووي: فيه النهي عن مس الحصى، وغيره من أنواع العبث في حال الخطبة.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يجب على الحاضرين في أثناء خطبة الجمعة الاستماع للخطبة، والإنصات، ويحرم عليهم الكلام، والحركة التي هي من باب العبث. اهـ.
وما كان منها للحاجة لا سيما المعينة على تفريغ القلب لاستماع الخطبة نرجو أن لا بأس به، وقد دلت السنة على أن الحركة حال الخطبة لا حرج فيها إذا كانت لتحصيل مقصود شرعي، فعن ابْنِ عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ. رواهأحمد، والترمذي.
وجاء عند الطبراني بلفظ: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ.... اهـ.
فدل هذا الحديث على ما ذكرناه من جواز الحركة إذا كانت لمصلحة معتبرة شرعًا، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في شرح رياض الصالحين: قال صلى الله عليه وسلم: من مس الحصى فقد لغا ـ لأن مس الحصى يلهيه عن الاستماع للخطبة، ومن لغا فلا جمعة له ـ يعني يحرم ثواب الجمعة التي فضلت بها هذه الأمة على غيرها، وإذا كان هذا في مس الحصى، فكذلك أيضاً الذي يعبث بغير مس الحصى، الذي يعبث بتحريك القلم، أو الساعة، أو المروحة التي يحركها ويلفها دون حاجة، أو الذي يعبث بالسواك، يريد أن يتسوك والإمام يخطب إلا لحاجة، كأن يأتيه النوم أو النعاس، فأخذ يتسوك ليطرد النعاس عنه، فهذا لا بأس به؛ لأنه لمصلحة استماع الخطبة. اهـ.
وسئل أيضًا عن إغلاق المكيف، وإغلاق جرس الساعة، وإغلاق الباب أثناء خطبة الجمعة على حديث: مَن مَسَّ الحصى فقد لغا ـ فأجاب بقوله: إذا كان هذا يشوش، وقام الإنسان يغلقه، فهو على أجر وعلى خير، بخلاف من مس الحصى، والمراد بالحصى: أن مسجد النبي عليه الصلاة والسلام مفروش بالحصباء، وهي: الحجارة الصغيرة، فبعض الناس ـ مثلاً ـ يعبث بهذا، إما يمسحه بيده مثلاً، أو يأخذ حصيات يقلبها، أو ما أشبه ذلك، وهذا لغوٌ لا فائدة منه، أما إنسانٌ مثلاً شَوَّش عليه المكيف، أو سمع صوتًا، فأراد أن يغلقه، كما يوجد الآن في ـ البياجر ـ بعضها لها صوت رفيع يشوِّش على من حوله، فهذا ليس من اللغو، بل هذا من إزالة المؤذي. اهــ.
ومثله لو عطس الإنسان واحتاج لاستعمال المنديل، ولو لم يستعمله لبقي ذهنه مشوشًا بما خرج أثناء العطاس مثلًا، أو احتاج لحك عينيه بسبب شيء وقع فيها، ولو لم يفعل لتشوش ذهنه فلا حرج عليه في ذلك، وكذا لو تعب في جلسته واحتاج لتغييرها فلا حرج عليه.
والله أعلم.