هل من السنة رفع اليد فى الصلاة لمنع المار؟
عبد المحسن بن عبد الله الزامل
- التصنيفات: فقه الصلاة -
إذا كنت أصلي ومر شخصٌ من أمامي، هل من السنة أن أرفع يدي وأن أمنعه من المرور؟
نعم السنة أن تمنعه، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « » (1).
وجاء في حديث ابن عمر بمعنى حديث أبي سعيد الخدري وقال: «
»(2). وثبت أيضًا في الصحيحين من حديث أبي الجهم رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: « » (3).والمعنى والله أعلم، بمعنى أنه ما عليه من الإثم، «
»(4). جاء في رواية عند البزار « »(5) .وهذا تشديد في المرور بين يدي المصلي، فعليك أن تمنعه، ولهذا قال: «
». وقعت لأبي سعيد الخدري قصة مع رجلٍ جاء، وثم منعه، ودفعه دفعًا شديدًا، ثم ذهب وشكاه إلى مروان، واحتج أبو سعيد رضي الله عنه بالسنة، وأن هذا هو المشروع، وظاهر السنة أنه يجب ذلك، أن يمنعه، فإن مر فلا إثم عليك، بل المنع يشمل كل مار على الصحيح، هذا هو الصحيح، ولهذا رد النبي عليه الصلاة والسلام الصغير عمر بن أبي سلمه، وثم لما جاءت الصغيرة زينب أو غيرها، فجازت وعمر امتنع، هذا الحديث عند أبي داوود،(6) وفي سنده لين، لكن جاء أيضا ما يدل على أن المنع حتى لمن لا يعقل من البهائم، بمعنى لو مرت شاة بين يديك، أو دابة، فإنك تمنعها، إلا إذا خشيت أن تصول عليك مثلًا، ولم يمكنك أن تتأخر، أو تتقدم، وجاء عند أبي داوود بإسنادٍ جيد من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أنه قال: « ». «يدارئها». أي يزاحمها ويدفعها، «ح »(7). فهذا فيه دلالة على أنه يشرع الدفع لكل من مر، حتى ولو كان لا يعقل، فالمرور بين يدي المصلي منهيٌ عنه مطلقًا، وجاء في هذا أحاديث كثيرة، وجاء الأمر بالاستتار، استتار المصلي بشيء يستره من الناس، وهذا الدفع إذا كان المار في قدرٍ دون مسافة ثلاثة أذرع، إذا كان دون ثلاثة أذرع، لحديث ابن عمر في الصحيحين « ». وقال ابن عمر « »(8).فأخذ العلماء من هذا أن حريم المصلي إلي يمنع المار، هو ثلاثة أذرع، والثلاثة أذرع تبدأ من موضع قدميه، فعلى هذا لا بأس بأن يمد يده، ولا بأس أيضا أن يحني مثلًا ظهره قليلًا حتى يمكن أن يمنعه، وإن كان وضع سترًة، والسترة هذه دون ثلاثة أذرع، مثلًا ذراعين، فلا بأس أن يمر، ولو كان دون ثلاثة أذرع، فإن كان لك سترة فالقدر ثلاثة أذرع، وإن لم تكن اتخذت ستره، وهذا خلاف السنة، فإلى ثلاثة أذرع، أما ما جاء من حديث أن قدر الدفع برميه بحجر(9)، هذه رواية ضعيفة لا تثبت، والصواب ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والحديث رواه البخاري في الصلاة (509) باب: يرد المصلي من مّر بين يديه. مسلم في كتاب الصلاة (341).
(2) أخرجه مسلم (506).
(3) البخاري (510)، ومسلم (507)، وأبو داود (701)، والترمذي (336)، والنسائي (2 /66)، وابن ماجه (945).
(4) أخرجه أبو داود (708) و أحمد رقم ( 6813)، والبيهقي (2/268).
(5) قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/107) وَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، حَدثنَا سُفْيَان، عَن سَالم أبي النَّضر، عَن بسر بن سعيد، قَالَ أَرْسلنِي أَبُو جهيم إِلَى زيد بن خَالِد، أسأله عَن الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – يَقُول: ” لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، كَانَ لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خير لَهُ من أَن يقوم بَين يَدَيْهِ “. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد بعد ذكر حديث البزار بلفظ : أربعين خريفا ، رجاله رجال الصحيح ، انتهى . “وانظر السلسلة الضعيفة” ( 14 / 962) .
(6) قال الحافظ ابن ماجة في السنن رقم (948).حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس هو قاص عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن أم سلمة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة فقال بيده فرجع فمرت زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هن أغلب .انظر ضعيف تمام المنة / ما يباح فى الصلاة وقال الهيثمي في الزوائد في إسناده ضعف.
(7) أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة رقم (708)، وأحمد في المسند رقم (462)،
(8) أخرجه البخاري رقم (483) وأخرجه مسلم (1329).
(9) أخرجه أبو داود (685): نا محمد بن إسماعيل البصري: نا معاذ: نا هشام، عن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أحْسبُه عن رسول الله قال: ” إذا ” صلى أحدُكم إلى غير السترة فإنه يقطع صلاتَه: الكلبُ، والحمارُ، والخنزيرُ، واليهوديُّ، والمَجُوسي، والمرأةُ، ويُجزئ عنه إذا مَروا بَيْن يديه على قذفة بحجر ” قوله:” ويُجزئ عنه ” أي: عن الذي صلى إلى غير السترة ” إذا مروا ” أي: هؤلاء المذكورون.
قوله: ” على قذفة ” أي: رَمْية بحجرٍ، وقال أبو داود: في نفسي من هذا الحديث شيء، كنتُ أذاكر به إبراهيم وغيره فلم أرَ أحداً جاء به عن هشام ولا يَعْرفه، ولم أر أحداً يحدث به.