حكم دراسة الفتيات فى الجامعات المختلطة
عبد المحسن بن عبد الله الزامل
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
ما هو حكم وضع الفتيات بالجامعات المختلطة لمتابعة تعليمهن؟
الاختلاط بلية ومصيبة، ومن أعظم أسباب الفساد العام والخاص، وثبتت الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام أن أعظم الفتن هو مخالطة النساء للرجال، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: « » (1). وهذه المسألة فيها كلام لأهل العلم.
والأدلة في هذا كثيرة في مسألة اختلاط النساء بالرجال، وما أشبه ذلك، ودلت الأدلة على أنه يجب عزل الرجال عن النساء، حتى في أشرف المواقع، وأشرف المواضع في الأرض، «صحيح مسلم، ومع ذلك يجب على النساء أن يكن حُجْرة (3)، يعني في مكان منعزل عن الرجال، وكن يصلين خلف الرجال، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر النساء إذا رفع الرجال من السجود، ألا يرفع النساء رءوسهن حتى يستوي الرجال جلوسًا.
» (2). كما فيانظر النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «العلماء بالمسابق، جعله كمن سبق.
» (4). يعني يشرع للإنسان إذا رفع الإمام أن ترفع، بل تأخرك في السجود بعد رفعه خلاف السنة، بل لو طال مقامك حتى رفع الإمام من سجوده، وفارقته بهذا الركن تأخرا ألحقه بعضومع ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: «[5]. ومعلوم الرجال لا يرفعون حتى يرفع النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا قال: « ». ما قال إذا كبر، « ». وهذا يبين أن المشروع للرفع بأنه الدلالة للمأموم على الإمام، لأنه لا يراه في حال السجود، فتبين أنه يشرع أن يكون التكبير حال الانتقال، وأن ينتهي هذا التكبير عند جلوسك.
»فبهذا يرفع الرجال، فإذا رفعوا واستقروا … النساء لا زلن ساجدات، ولا يرفعن إلا بعد رفع الرجال، واستقرارهم، يتأخرن، كل هذا لأجل ألا يبصرن شيئا من عورات الرجال، فتركت هذه المصلحة وهو المتابعة، دفعا لتلك المفسدة التي هي في الحقيقة مع نساء الصحابة رضي الله عنهن، مع ما فيهن من التقى والطاعة والإيمان والخير والتستر، حتى كن يأتين قد تلفعن بمروطهن، كأنهن الغربان، لا يعرفن رضي الله عنهن (6)، ومع ذلك يؤمرن في هذه الحال، ألا يرفعن رؤوسهن حتى يستوي الرجال جلوسًا، مع الأمانة والثقة والطهر والوحي ينزل في ذلك العهد، قد أُمرن بذلك.
فكيف يدعى أن اختلاط النساء بالرجال في الجامعات أن هذا الوجه من وجوه التعلم الذي أمر به الإسلام، هذا من أعظم الإبطال في ضرب النصوص بعضها ببعض، ولا يجوز لأحد أن يضرب النصوص بعضها ببعض، تورد عليه النصوص هذه، ويقول الإسلام أمر بالعلم، أمر بالعلم لكن نهى عن أسباب الفتنة.
وهذا لا يجوز، بين أهل العلم أنه لا يجوز لأحد أن يضرب النصوص بعضها ببعض، بل النصوص يوضح بعضها بعضًا، ويبين بعضها بعضا، حينما تأتي النصوص في هذا المقام مبينة وواضحة، بل قال عليه الصلاة والسلام: «
» (7). مع أن النساء إن كن منعزلات فإن خيرها أولها، وشرها آخرها، هذا المفهوم والله أعلم.لكن الشأن أن الحكم للنساء كالرجال بمعنى أن الصف الأول للنساء كالرجال، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «أتموا الصف الأول فالأول»[8]. هذا عام للرجال والنساء، هذا الأصل والقاعدة، المرأة إذا صلت في المسجد في الصف الأول أفضل، والأخبار في هذا كثيرة، لكن هذا العموم مخصوص فيما إذا لم يكن بينها وبين الرجال فاصل، أو شيء يعزلها عنهم، فكلما تأخر الصف كان أفضل، لماذا؟ لتبتعد عن الرجال.
تبتعد أين؟، في العمل؟ لا، بل في المسجد، في الصلاة، في العبادة، والمرأة جاءت تريد الخير، تسمع حي على الصلاة، لا تريد إلا الخير، والشيطان يفر في هذه المواطن، مواطن الذكر والخير، وفي مواطن الفتنة والأسواق، فيها باض وفرخ، كما قال سلمان الفارسي رضي الله عنه، وبها ينصب رايته (9).
فلا شك أن هذا أمر خطير، ثم إذا كانت المرأة متجملة، ومتزينة، أو متعطرة، هذا أمر واضح في تحريمه، أنه لا يجوز، مادام أنها تخرج في المجامع ويجد الرجال ريحها، وهذا فتنة في الحقيقة، فتنة وبلاء، ومن أعظم المصائب، ثم يحصل من الأذى للنساء الشيء العظيم، فالمرأة تريد أن تتعلم، ثم تؤذى في تعليمها مثلا، حينما تؤمر أن تكون في مكان يختلط فيه الرجال، تتأذى من النساء المحتشمات اللاتي يردن العفة، والطهارة، وهذا والحمد لله وصفٌ عامٌ للنساء.
ثم من سعى إلى الإفساد بهذه الطرق عليه الإثم والوزر الذي يترتب على هذه المفاسد العظيمة، فأقول على المرأة أن تتقي الله عز وجل هي ووليها ومن يعينها على هذا الأمر، وأن ينظر في المفاسد المترتبة على مخالطة النساء للرجال، والأخبار في هذا كثيرة، وسبق في مسألة سابقة، الإشارة إلى شيء من الأدلة، وما تعلق بالاختلاط، وكيف انعزال النساء عن الرجال في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وكيف كان لهن باب خاص يخرجن منه، وأدلة أخرى في هذا الباب.
حتى إن عمر رضي الله عنه لما رأى الأدلة واضحة، في مسألة تستر النساء، كان يريد رضي الله عنه أن لا يؤذن لهن في الخروج، والنبي عليه الصلاة والسلام قال كما في البخاري « » (10). ولما خرجت سودة رضي الله عنها، وكانت امرأة طويلة تفرع النساء، فقال عمر قد عرفناك يا سودة، يعني يقول وإن استترتي فإنا قد عرفناك، يريد بذلك ألا يخرج النساء، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: « ».
والأصل في المرأة القرار في بيتها، لكن قد أذن والإذن عند الحاجة، ولهذا قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33]. هذا الأصل في المرأة، فنسأل الله سبحانه وتعال أن يحفظ نساء المسلمين، وشبابهم، وأن يحميهم من كل سوء وشر، بمنه وكرمه، آمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البخاري (5096)، ومسلم (2740).
(2) أخرجه مسلم (1473) بلفظ ”أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها”.
(3) في حديث عائشة عند البخاري:: (1539)” لم يكن يخالطن كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم”.
(4) أخرجه البخاري (689) ومواضع أخر ؛ ومسلم (411) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(5) أخرجه البخاري (362)، ومسلم (441).
(6) البخاري (578) ؛ ومسلم (645) من حديث عائشة رضي الله عنها .
(7) أخرجه مسلم (440).
(8) أخرجه أحمد (12377) و(13280) و(13473). وأبو داود (671). والنسائي 2/93 ، وفي “الكبرى” (894). وابن خزيمة (1546).
(9) أخرجه البخاري (3634) و(4980). و”مسلم” (6396 و6397).
(10) أخرجه البخاري (147 و4795 و 5237)، ومسلم (2170).