كيف تتعامل البنت مع والدها تارك الصلاة الجاحد لفرضيتها

الشبكة الإسلامية

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

اكتشفت منذ مدة قصيرة أن والدي كافر (لا يصلي ويجحد وجوب الصلاة). فاستنتجت أني لست مسلمة بالفطرة بما أن أبي غير مسلم، وأنا ملتزمة مند مدة، لكني لم أنطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام، (أنطق بهما في الصلاة طبعا)، فهل صلاتي وصومي باطلان؟ ما هي أفضل الأدعية لطلب الهداية لشخص وكيف أنصح والدي؟ أرجو منكم مساعدتي؛ لأني مرهقة من كثرة التفكير في المشاكل المترتبة على هذا الأمر؟
 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإنا نسأل الله لنا ولك ولوالدك الهداية، ونفيدك أن ترك الوالد للصلاة وردته لا يلزم منه أن تكوني أنت غير مسلمة بالفطرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيحمسلم: ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم.
وفيه أيضا عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم».
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:  {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} : يقول تعالى: فسدِّدْ وجهك واستمر على الدين الذي شرعه اللّه لك من الحنيفية ملة إبراهيم التي هداك اللّه لها، وكملها لك غاية الكمال، ولازم فطرتك السليمة التي فطر اللّه الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره، وذكر أن الله ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستقيمة، لا يولد أحد إلا على ذلك، ولا تفاوت بين الناس في ذلك. اهـ
كما أن من أدى الصلاة المفروضة يحكم عليه بالإسلام بمجرد الصلاة، فقد جاء في حاشيةالدسوقي على الشرح الكبيرعلى مختصر خليل في الفقه المالكي: سُئِلَ مَالِكٌ عن الْأَعْجَمِيِّ يُقَالُ له صَلِّ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَمُوتُ هل يُصَلَّى عليه؟ قال نعم، ما نَصُّهُ هو كما قال، لِأَنَّ من صلى فَقَدْ أَسْلَمَ، قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «من صلى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الذي له ذِمَّةُ اللَّهِ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ». انتهى.
وأما عن الدعاء للوالد فأفضله سؤال الله له الهداية فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو بهداية الأقوام  فعن أبي هريرة قال: «جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسا قد هلكت عصت وأبت فادع الله عليهم، فظن الناس أنه يدعو عليهم، فقال: اللهم اهد دوسا وأت بهم»  (متفق عليه). 
وفي صحيح مسلم: أن أبا هريرة قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع الله لأم أبي هريرة، فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد أم أبي هريرة».
وقال في ثقيف:  «اللهم اهد ثقيفا»  (رواه أحمد والترمذي. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب، وقال الأرناؤوط في حديث أحمد: إسناده قوي على شرط مسلم).
هذا وننبه على خطورة تكفير الشخص المعين قبل توفر شروط تكفيره فالإقدام على تكفير المسلم أمر خطير، وزلل عظيم، ويكفي في بيان خطورة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:  «ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه» (رواه مسلم) .
وروى الترمذي:  «ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله».
وروى أحمد:  «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما».
قال ابن تيمية: وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك. اهـ
والله أعلم.