حكم دعاء الوالد على ولده من غير مسوغ
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
- التصنيفات: الأدب مع الوالدين -
والدي يدعو عليَّ وأنا غير غلطان عليه فهل يستجيب الله له؟
ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- النهي عن الدعاء على النفس وعلى المال والولد لئلا يصادف ساعة استجابة فيستجاب فيندم هذا الداعي على نفسه أو على ماله أو على ولده، ولا يمكنه استدراك ما قد يحصل بسببه، فعليه أن يتقي الله -جل وعلا- في مثل هذا الأمر وألّا يستعمل هذا السلاح في معالجة الأخطاء إذا وجدت فكيف إذا كان الدعاء من غير مبرر ولا موجب؛ لأنه في السؤال يقول أنا غير غلطان يعني ما حصل منه شيء يستوجب هذا الدعاء، وإن كان في تقديره أنه غير مخطئ وفي تقدير والده أنه مخطئ في حقه، ولا شك أن حق الوالدين عظيم جدًا فقد يكون في تقدير الولد أن هذا الأمر يسير لا يترتب عليه ضرر على والده وهو في الحقيقة يقدح في بره بوالده، وحينئذٍ يؤاخذ عليه فتقدير مثل هذا الأمر كون الوالد يراه خطأ والولد لا يراه خطأ فالمرجع في ذلك إلى الوالد، ولا بدّ أن يتنازل الولد ويرضي والده قدر المستطاع مادام يأمره بمعروف أو ينهاه عن شيء لا يتضرر بتركه فتلزمه طاعته، فإذا دعى عليه حينئذٍ فهو حري أن يجاب، فعلى الابن أن يحتاط لهذا الأمر ولا يعرض نفسه لدعاء الوالدين، وبالمقابل أيضًا على الوالد أن لا يكون علاج المشاكل بينه وبين أولاده وبين أهله الدعاء عليهم؛ لأنّه ثبت النهي عنه -عليه الصلاة والسلام- فيما ذكرناه آنفا أنه نهى عن الدعاء على النفس وعلى المال وعلى الولد وإنما تستصلح الأمور بغير هذا الأسلوب، وليكثر من الدعاء لهم بدلًا من أن يدعو عليهم، دعاء الوالد لولده كما جاء في الخبر مستجاب، وعلى الابن أيضًا أن يبرَّ بوالديه لينال هذه المنقبة، وهي دعاء الوالد له فيسعد في الدنيا والآخرة ولا يعرض نفسه لسخط الوالدين فيدعوا عليه،
على كل حال مثل هذا من الطرفين لكل منهما ما يخصه من خطاب الشرع، فعلى الولد أن يبر بوالديه وألّا يعرض نفسه لسخطهما فيقع في مثل هذا الأمر، وعلى الوالد أن يسلك الأساليب التي تستصلح بها أو يستصلح بها سلوك الأولاد، وأما كونه يستجاب له إذا كان من غير سبب ولا مبرر فلا شك أن هذا اعتداء في الدعاء والاعتداء لاشك أنه لا يستجاب للمعتدي في دعائه، الاعتداء في الدعاء من موانع الإجابة لكن مع ذلك على الولد أن يراجع نفسه ويراجع حساباته مع والديه وتصرفاته معهم، ويحاول إرضاءهم بقدر المستطاع ولو كان في قرارة أنفسهم أنهم مخطؤون وهو غير مخطئ على كل حال حق الوالدين عظيم.