الإعاقة لا تمنع وجوب الصلاة

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

أخانا الأكبر عنده إعاقة بيده وقدمه، وعنده خلل بنطقه الكلمات، ولا يرغب بالزواج؛ لأنه لا يستطيع إدارة شؤونه، وبالأحرى شؤون غيره، فهل عليه صلاة وتكليف؟ مع العلم بأننا نرغب في تعليمه الفاتحة والصلاة، لكنه يرفض، وهو فعلا صعب تعليمه الكلام، فهل عليه صلاة؟ وهل له من الميراث؟

الإجابة:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

التكليف بالأحكام الشرعية (ومنها الصلاة) في الشريعة الإسلامية مبني على وجود العقل، فإذا كان هذا الأخ عاقلا ولم تؤثر تلك الإعاقة على عقله فهو مكلف، وإن كانت قد أثرت على عقله حتى فقد التمييز، أو كان ضعيف التمييز، كالصبي الصغير، فإنه يكون غير مكلف، ولا تلزمه الصلاة.

فإذا كان هذا الأخ مكلفا، فالإعاقة تؤثر في إسقاط بعض الواجبات عنه، وهي الواجبات التي لا يستطيع القيام بها، فإن كان لا يستطيع الصلاة قائما، صلى جالسا، وإن كان لا يستطيع الإتيان بالفاتحة كاملة صحيحة، أتى بها على قدر استطاعته ... وهكذا.

جاء في (الموسوعة الفقهية:10/ 79):

"إِذَا قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَالأْصْل فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةُ "الْمَيْسُورُ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ" أَيْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكُل لاَ يُسْقِطُ الْبَعْضَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَاعِدَةُ "مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْعِبَادَةِ، فَمَا هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْعِبَادَةِ - وَهُوَ عِبَادَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي نَفْسِهِ - فَيَجِبُ فِعْلُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ فِعْل الْجَمِيعِ بِغَيْرِ خِلاَفٍ" انتهى.

 

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:

جدتي لا تحفظ إلا قليلا من القرآن الكريم، حيث إنها تخطئ في سورة (الفاتحة)، وقد قال البعض من الناس في قريتنا: إذا لم تحفظي في صلاتك سورة (الفاتحة) فإن صلاتك غير صحيحة فهل هذا صحيح؟

فأجاب:

"صلاتها صحيحة ومعذورة، والحمد لله، الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ما دام أنها عالجت واجتهدت ولم تستطع فصلاتها صحيحة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للذي لا يستطيع [يعني: لا يستطيع قراءة الفاتحة]، «تقول: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)»

إذا كانت لا تستطيع عالجت نفسها، وإذا لم تستطع، تسبح: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. محل القراءة ويكفي، أما الذي يتعمد؛ وهو يستطيع لكن يتعمد، ما يقرأ الفاتحة فإنه لا تصح صلاته، لكن إذا كانت امرأة عجزت، أو رجلا عجز فالله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}" انتهى من (فتاوى نور على الدرب:8/ 236-237) .

فاجتهدوا في تعليم أخيكم الفاتحة والصلاة، وألزموه تعلمها برفق، ويأتي بما يستطيع أن يأتي به، ولو عجز عن النطق ببعض الأحرف أو خلط بينها فلا شيء عليه، وصلاته صحيحة.

أما الميراث فله نصيبه من الميراث كاملا، فليس العقل ولا صحة البدن شرطا في استحقاق الميراث، بل كل مسلم له نصيبه من الميراث ولو كان مجنونا أو مريضا.

والله تعالى أعلى وأعلم.