الدعاء الذي بعد التشهد الأخير، هل يشرع فيه الثناء على الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
- التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها - فقه الصلاة - الذكر والدعاء -
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أولاً:
لا شك أن حمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء، من آداب الدعاء ومستحباته، كما أنها من أسباب قبوله، فقد روى الترمذي (3477)، وأبو داود (1481)، والنسائي (1284): " أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « »، ثم دعاه، فقال له أو لغيره: « »، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في (صحيح سنن الترمذي).
وروى الترمذي (593) عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: " كنت أصلي، والنبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «
»، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.وينظر للفائدة إلى رابط هذه الفتوى ففيه ذكر لبعض آداب الدعاء.
ثانياً:
الصلاة من أولها إلى آخرها، مشتملة على الحمد والثناء على الله تعالى ، كما أنها مشتملة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما في التشهد الأخير، بل التشهد الأخير مشتمل على الثناء والتمجيد لله جل وعلا، كما أنه مشتمل على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه، فلا يحتاج الداعي بعد فراغه من تشهده، بل: ولا يشرع له: أن يقدم بين يدي دعائه تمجيدا أو حمدا، زائدا عما حصل منه في تشهده؛ بل يشرع في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو تعلم، ثم يتخير من الدعاء أعجبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ولهذا كان التشهد ثناء على الله عزَ وجل. وقال في آخره ثم ليتخير من المسألة ما شاء. والأدعية الشرعية هي بعد التشهد؛ لم يشرع الدعاء في القعود قبل التشهد؛ بل قدم الثناء على الدعاء وفي حديث الذي دعا قبل الثناء قال النبي صلى الله عليه وسلم "عجل هذا " انتهى من (مجموع الفتاوى:22/377) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: من أسباب إجابة الدعاء أن يفتتح بالحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل الأفضل القيام بذلك عند الدعاء بعد التشهد في الصلاة وفي السجود أيضاً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: " .... الصلاة كلها ثناء، في التشهد الأخير الذي هو محل الدعاء، فيه ثناء على الله تعالى، وصلاة على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو يبتدئ التشهد بالتحيات لله والصلوات والطيبات، وهذا ثناء على الله سبحانه، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين، ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحتاج بعد ذلك إلى صيغة معينة في الحمد والثناء على الله تعالى، أو في الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل إذا فرغ من قوله: (أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال) دعا بما أراد" .
انتهى من (فتاوى نور على الدرب) لابن عثيمين .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى: "يعني: من أسباب قبول الدعاء أن يمهد قبله بحمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم .... ، ثم أيضاً فيما يتعلق بالصلاة أن التشهد يسبق السلام ، وهو مشتمل على حمد الله والثناء عليه، فقوله: (التحيات لله والصلوات والطيبات) حمد وثناء على الله عز وجل، وبعدها: ( أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) ثم بعد ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك الدعاء، ففيه تمهيد للدعاء، والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أرشد المسلم أن يجمع في صلاته بين التمجيد والثناء على الله تعالى، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ثم الدعاء بما أحب بعد ذلك، فيكون قد مهد لدعائه بثناء على الله تعالى، وبصلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
انتهى من (شرح سنن أبي داود) للشيخ عبد المحسن العباد.
والله تعالى أعلى وأعلم .