مذهب الحنفية في رفع اليدين في الصلاة

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

يقول الأحناف: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على رفع اليدين في أول حياته، لكنه توقف عن ذلك في أيامه الأخيرة، فهل عِظمُ الأجر أكثر في ترك رفع اليدين لكونه آخر الأشياء فعلاً منه صلى الله عليه وسلم؟ وهل ادعاءاتهم هذه صحيحة أم لا؟ وهل عُهد رفع اليدين عن الخلفاء الراشدين في صلواتهم؟

الإجابة:

الحمد لله

يرى الحنفية أن رفع اليدين سنة عند تكبيرة الإحرام فقط، فأما ما عدا ذلك من التكبيرات فلا يرون مشروعية رفع اليدين عندها، جاء في (المبسوط:1 / 23) للسرخسي: "ولا يرفع يديه في شيء من تكبيرات الصلاة سوى تكبيرة الافتتاح" انتهى، وفي (بدائع الصنائع:1 / 207) "وَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ في الْفَرَائِضِ عِنْدَنَا إلَّا في تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ" انتهى.
ويستدلون على ذلك بما رواه أبو حنيفة قال: حدثني حماد عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ثم لا يعود. انتهى من (المبسوط:1 / 24) للسرخسي.
وأما الأحاديث الكثيرة التي وردت في رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام فإن الحنفية يرون أنها منسوخة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك آخرا بعدما فعله أولا، جاء في (بدائع الصنائع:1 / 208)" رُوِيَ أَنَّهُ كان يَرْفَعُ ثُمَّ تَرَكَ ذلك بِدَلِيلِ ما روي عن ابن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ قال: رَفَعَ رسول اللَّهِ فَرَفَعْنَا، وَتَرَكَ فَتَرَكْنَا" انتهى.
هذا مذهب الحنفية.


والراجح أنه يسن للمصلي أن يرفع يديه في أربعة مواضع في الصلاة وهي: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وبعد الرفع من الركوع، وبعد القيام إلى الركعة الثالثة.
والأحاديث التي استدلوا بها على أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام كلها ضعيفة لا تصح.
قال ابن القيم في (زاد المعاد في هدي خير العباد:1 / 219) بعد أن ذكر أحاديث رفع اليدين: "وأين الأحاديث في خلاف ذلك من الأحاديث التي في الرفع كثرة وصحة وصراحة وعملا " انتهى ، وقال أيضا في هذه المسألة: "بل كان ذلك هديه دائما إلى أن فارق الدنيا" انتهى من (زاد المعاد في هدي خير العباد:1 / 219).
وأما الخلفاء الراشدون فلم يثبت عن أحد منهم أنه لم يكن يرفع يديه في الصلاة، وإنما ثبت عنهم الرفع، بل قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: لم يثبت عدم الرفع عن أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

والله تعالى أعلى وأعلم.