حكم مصافة الصبي

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

صليت في أحد المساجد في الصف الأول وكان معي ابني وعمره ست سنوات، فقام الإمام بإرجاعه إلى الصف الثاني فهل تصرفُ الإمام صحيح؟

 

الإجابة:

لعل هذا الإمام استدل بقوله-عليه الصلاة والسلام- «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى» (مسلم:432)، ولاشكّ أنّ المراد بالحديث حث الكبار وحث أولي الأحلام والنهى أن يتقدموا إلى الصف الأول والقرب من الإمام، هذا حث لهم وليس مفاده طرد الصغار ومن دون أولي الأحلام والنهى من أن يصفوا في الصف الأول، فمن تقدم إلى شيء لم يسبق إليه فهو أحق به، لكن الحديث مفاده حث الكبار على التقدم وليس مفاده طرد الصغار من أن يصفوا في مكان لم يسبقوا إليه؛ ولذا لا يجوز للمسلم الذي يحضر إلى الصلاة متأخرًا أن يقيم غيره ويجلس في مكانه صغيرًا كان أو كبيرًا، وعلى كل حال إذا كان استدلال الإمام بهذا فلاشك أن الصحابي راوي الحديث فعل ذلك بناء على فهمه لكن المراد من الحديث هو ما ذكرناه أولًا وهذا صرح به جمع من أهل العلم.

مقدم البرنامج: المقصود به الحث.

حث الكبار ليس مراده الصغار، يبقى أن من كان عمره ست سنوات هل تصح مصافته بناء أنّه لا يؤمر بالصلاة إلا إذا استكمل سبع سنين؟ هذا أيضًا محل نظر إذا كان يحسن الصلاة ويؤديها من غير خلل لأن بعض الأطفال إذا صف مع الكبار أشغله، ولا يؤدي الصلاة يلعب فمثل هذا يمنع مصافته للكبار، لكن يمنع برفق بحيث لا يتخذ الطفل موقفا من المسجد بحيث تحصل عنده ردة فعل فيستصحب ذلك في كبره هذا حصل لبعض الناس، بعض الصبيان لعب في المسجد وطُرِد شر طَرْدة ثم بعد ذلك اتخذ موقفا بحيث استصحب ذلك في كبره ثم ترك الصلاة إلى أن هداه الله فيما بعد. المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يلاحظ ولا يظن بالصبي الصغير أنه لا يحفظ، حفظوا مواقف وحصلت ردود أفعال بسبب بعض التصرفات، وعلى كل حال من كان عمره ست سنوات بحيث يكون مميزًا ويضبط الصلاة إذا صف مع الكبار لا مانع من مصافته كما أنّه لا مانع من إمامته إذا أتقن الصلاة وحفظ من القرآن ما حفظ لحديث عمرو بن سلَمة.

المقدم: يا شيخ هنا يذكر في تحمل الصبية الصغار كما في حادثة بنت زينب، وقصة الحسن والحسين مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ألا يمكن أن تكون شاهدًا على تحمل الصغار وإن بدا منهم شيء؟

يُتحملون إذا وُجد من ولي أمرهم ما يمنعهم من أذى الناس، وحصل موقف عندنا في المسجد، شخص جاء بطفل لا يزيد عمره عن ثلاث سنوات وأقامه بجواره فلما صف الإمام ذهب إلى المصاحف يعبث بها ووالده لا يحرك ساكنا، يعبث بالمصاحف يقلب هذا ويضرب هذا ويخبط هذا بهذا، ثم لما اتجه الولد إلى المروحة وخشي عليه منها قطع الأب صلاته وكفه عن ذلك لاشك أن مثل هذه التصرفات غير مرضية النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والناس ينتظرونه وهو حامل أمامة بنت زينب، حملها النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها وهكذا، لكن لم يحصل منها أذىً لأحد، وكذلك حصل مع الحسن والحسين لما ارتحلوه وركبوا على ظهره لما سجد، لكن لم يحصل منهم أذىً لأحد، المقصود أن من حصل منه الأذى للمصلين يمنع.

المقدم: وللأب أن يتحرك في الصلاة ويضبط ابنه في مثل هذه الحال.

الأصل أن الأب إذا كان يعرف أن ولده لا ينضبط في الصلاة لا يحضره، كثير من الآباء يأتي بولده ليخفف العبء عن أمه في البيت.

المقدم: وكأن الصلاة فسحة.

من أجل أن يخفف على أمه يأتي به ليؤذي المصلين، هذا غير مرضي إطلاقًا.