الكلام في أمور الجماع مع المعقود عليها لا يوجب العدة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - فتاوى وأحكام -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرًا.

السؤال الأول: إذا تحدَّث العاقدُ في كلِّ شيء مع خطيبته على الهاتف، أو على (النت)؛ لأنَّة مسافر بالخارج، ولا حدود في الكلام بينهما، فهل إذا فسخ العقد يكون بعد الطلاق عِدَّة، على الرغم من أنَّه لم يلمسْها؟

السؤال الثاني: حُكم مَن عقد ولم يدخل بخطيبته، ولكنَّه كان يمارِس معها ما يُشبِه العلاقةَ الزوجيَّة، فهل بعد فسْخ العقد تكون كالتي دَخَل بها، ويكون لها عِدَّة؟

جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، وعلى آلِه وصَحْبه ومَن والاه، أمَّا بعد:

فقد ذهب جمهورُ العلماء إلى أنَّ الزوج لو خلاَ بزوجته خلوةً صحيحةً يتمكن فيها من الجماع، ثمَّ طلَّقها قبل الدُّخول بها - وجبتْ عليها العِدَّة، وإن لم يجامعها؛ لِمَا رواه الإمام أحمد والأثرم بإسنادهما عن زرارة بن أبي أوْفَى قال: "قضى الخلفاءُ الراشدون: أنَّ مَن أرخى سِترًا، أو أغلق بابًا، فقد وجب المهر، ووجبتِ العدَّة"، قال ابن قدامة: "وهذه قضايا اشتهرتْ، فلم تُنكَر؛ فصارتْ إجماعًا".

واختلفوا في تحديد الخلوة الصحيحة، فعرَّفها الحنفيَّة بأنَّها: الخلوة التي لا يكون معها مانعٌ من الجِماع، لا حقيقيٌّ ولا شرعيٌّ ولا طبعيٌّ.

أمَّا المانع الحقيقيُّ، فهو أن يكون أحدهما مريضًا مرضًا يمنع الجماع، أو صغيرًا لا يُجامِع مثله، أو صغيرةً لا يُجامَع مثلُها.

وأمَّا المانع الشّرعيُّ، فهو أن يكون أحدهما صائمًا صومَ رمضان، أو مُحرِمًا بحجٍّ أو بعمرة، أو تكون المرأة حائضًا أو نفساء؛ لأنَّ كلَّ ذلك محرِّم للوطء، فكان مانعًا من الوطء شرعًا.

وأمَّا المانع الطَّبَعيُّ، فهو أن يكون معهما ثالث.

وعرَّفها المالكية بأنَّها خلوة الاهتداء، وهي المعروفة عندهم بإرخاء السُّتور، أو غلْق الباب، أو غيره.

وعند الحنابلة: هي الخلوة التي تكون بعيدًا عن مميِّز وبالِغٍ مطلقًا، مسلمًا كان أو كافرًا، ذَكَرًا أو أنثى، أعمى أو بَصيرًا، عاقلاً أو مجنونًا.

وعليه؛ فإنَّ الصورة الأولى المذكورة في السؤال لا تُعتَبر خلوة صحيحة، ولا تجب فيها العِدَّة على المطلَّقة؛ لقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]، ولها نِصفُ الصَّداق المسمَّى، إن كان سمَّى لها صداقًا، وإن لم يُسمِّ لها صداقًا، فلها نصفُ صَداق مِثْلِها؛ لقول الله - تعالى -: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237].

أمَّا الصورة الثانية، فلا شكَّ أنَّه قد اختلى فيها بزوجته خلوةً صحيحةً شرعًا، يترتَّب عليها آثارُها من المهر، وتعتدُّ المرأة بها عدَّةَ المطلَّقة،،

والله أعلم.