هل تصح صلاة الغواصين تحت الماء؟

  • التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال:

لقد شاهدت فيديو عبر الإنترنت لرجال يصلون تحت الماء ويتنفسون من خلال اسطوانات أكسجين. سؤالي: هل تجوز هذه الصلاة التي بالطبع لا يكون فيها قراءة للقرآن؟ وهل هذه الصلاة التي تكون تحت الماء في المحيطات والبحار كاملة أم ناقصة؟

الإجابة:

الحمد لله تعالى
أولاً:
إذا كان المصلي بملابس الغوص لا يتمكن من وضع جبهته أو أنفه على الأرض أثناء السجود، بسبب نظارة الغوص أو أنبوب الأكسجين، لم تصح صلاته إلا عند الضرورة.
 

ثانياً:
تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير، والسلام، أركان قولية لابد من الإتيان بها لصحة الصلاة، وجمهور الفقهاء على أنه يشترط أن يسمع الإنسان نفسه لتتحقق القراءة، وذهب بعضهم إلى أنه يجزئ أن يحرك لسانه وشفتيه، وهو الراجح.
وما دون ذلك لا يعد قراءة وقولا، بل هو تفكر وتدبر بالقلب، فمن صلى دون أن ينطق بهذه الأركان - مع القدرة - لم تصح صلاته.
وأما الأخرس أو مقطوع اللسان، فاختلف فيه: فقيل يلزمه تحريك لسانه أو ما بقي منه:
قال النووي رحمه الله تعالى: "( السابعة) قال أصحابنا: على الأخرس أن يحرك لسانه بقصد القراءة بقدر ما يحركه الناطق؛ لأن القراءة تتضمن نطقا وتحريك اللسان، فسقط ما عجز عنه ووجب ما قدر عليه بقوله: صلى الله عليه وسلم: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (البخاري ومسلم)، وقد سبق بيان هذه القاعدة في فصل التكبير، وقد ذكر المصنف المسألة هناك وبسطناها" انتهى من (المجموع:3/ 361)، وينظر: (الأم:1/123) للشافعي رحمه الله تعالى.

وقيل لا يلزم الأخرس ونحوه أن يحرك لسانه، بل يكبر ويقرأ بقلبه، وهذا هو الأظهر.
قال في (كشاف القناع:1/ 231): "والأخرس ومقطوع اللسان يحرم بقلبه لعجزه عنه بلسانه (ولا يحرك لسانه)؛ كمن سقط عنه القيام يسقط عنه النهوض إليه، وإن قدر عليه؛ لأنه عبث، ولم يرد الشرع به، كالعبث بسائر جوارحه، وإنما لزم القادر ضرورة (وكذا حكم القراءة والتسبيح وغيره) كالتحميد والتسميع والتشهد والسلام، يأتي به الأخرس ونحوه بقلبه، ولا يحرك لسانه لما تقدم " انتهى . وينظر: (شرح مختصر خليل  للخرشي:1/266).


وعليه: فالمصلي تحت الماء إن كان يمكنه تحريك لسانه وإخراج الحروف، فصلاته صحيحة.
وإن كان لا يمكنه ذلك، لم تصح صلاته، وعليه أن يخرج فوق الماء ليصلي في الوقت، أو يجمع بين الصلاتين إن جاز له الجمع، ما لم يكن معذورا مضطرا للكون تحت الماء طول الوقت، أو لم يبق على الوقت ما يتسع لارتفاعه إلى سطح الماء، فيكبر ويقرأ بقلبه، كمقطوع اللسان، وتصح صلاته حينئذ ؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وقول الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (البخاري:7288 ومسلم:1337).

والله تعالى أعلى وأعلم.