من تجاوز الميقات بغير إحرام
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة - فتاوى وأحكام -
أرسلت لأمي زيارة إلى السعودية، وجاءت بنيَّة العمرة في شهر رمضان، والحج إن تساهلت الظّروف، وجلست معي أسبوعًا في جدَّة، ثمَّ أحرمت من منزلي وذهبت للعمرة، ثمَّ جاء موسم الحج وتساهلت الأمور، وأحرمت للحجّ من منزلي أيضًا، وذهبتْ للحجّ.
هل الحج صحيح؟ أم أنَّ عليها شيئًا بِحكم أن إحرامها لَم يكن من ميقات أهل مصر؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحالُ كما تقول، فإنَّه كان يَجب على والدتِك، أن تُحرم للعمرة من الميقات الذي مرت عليه؛ لأنَّها جاءتْ بنيَّة العمرة في شهر رمضان، والنَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - جعل لكلّ أهلِ بلدٍ ميقاتًا للإحرام، ولمَن مرَّ على المواقيت مِن غير أهلها، فلا يجوز مجاوزة الميقات بغير إحرام؛ ففي الصَّحيحين عن ابن عبَّاس قال: إنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشَّأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هنَّ لهنَّ ولمَن أتى عليهنَّ من غيرهن ممَّن أراد الحجَّ والعمرة، ومَن كان دون ذلك، فمِن حيث أنشأ، حتَّى أهل مكَّة من مكَّة"؛ متَّفق عليه.
قال الإمام النَّوويُّ في شرح النَّووي على مسلم: "هذه المواقيت لهذه الأقطار، والمراد لأهلِها، فحَذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
وقوله: "ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ" معناه: أنَّ الشَّامي مثلاً إذا مرَّ بميقات المدينة في ذهابه، لزمه أن يُحرم من ميقات المدينة، ولا يجوز له تأخيره إلى ميقات الشَّام، الَّذي هو الجحفة، وكذا الباقي من المواقيت، وهذا لا خلاف فيه.
قولُه: "فهنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ، ممَّن أراد الحجَّ والعمرة" - فيه دلالة للمذْهب الصَّحيح، فيمَن مرَّ بالميقات لا يريدُ حجًّا ولا عمرة: أنَّه لا يلزمه الإحرام لدخول مكَّة".
فالواجب على والدتك فديةٌ تُذبح في مكَّة، وتوزَّع على فقراء الحَرَم؛ لتجاوُزها الميقاتَ دون إحرامٍ للعمرة، وراجع على موقعنا فتوى: "حكم الإحرام من جدة لمن قدم من خارجها".
أمَّا بالنسبة للإهْلال بالحجِّ، فالظَّاهر أنَّها أقامتْ في جدَّة كلَّ هذه المدَّة، فيكون حكْمُها في الإهلال بالحجِّ حكْم أهل جدَّة، وهي دون الميقات، فيجزئُها الإحرام من محلّ إقامتها كما فعلت، وراجع فتوى اللجنة الدائمة: "هل (جدة) ميقات للإحرام ؟"،،
والله أعلم.