مقدار المسافة التي توجب الصلاة في المسجد

  • التصنيفات: فقه الصلاة - التوبة - دعوة المسلمين - الطريق إلى الله -
السؤال:

أعلم أنه يجب على الرجال أن يؤدوا الصلوات الخمس في المسجد، ولكن إذا كان شخص يعيش بعيداً عن المسجد، ما هي المسافة التي يجوز له عندها عدم الذهاب للمسجد عند كل صلاة؟
مثال: إذا كان الذهاب يستغرق 20 دقيقة تقريباً، وهذا هو المسجد الوحيد في المدينة، فهل يجوز لي أن أصلي في البيت؟

الإجابة:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

أولاً:

يجب على الرجال حضور صلاة الجماعة في المسجد، والتخلف عن صلاة الجماعة من علامات النفاق.

وكلما كان البيت أبعد زاد الأجر وعظمت المثوبة.

فعن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى» (البخاري: 623 ومسلم:622).

ثانياً:

تجب صلاة الجماعة على القريب من المسجد دون البعيد.

وقد وردت السنة بتحديد القريب من المسجد بـ (من يسمع النداء).

والمراد: من يسمع الأذان المرفوع من المسجد بصوت المؤذن من غير مكبر للصوت، مع رفع المؤذن صوته، وسكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع.

روى (مسلم:653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَجِبْ» .

وروى (ابن ماجه:793) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلاةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْرٍ»، صححه الألباني في (صحيح الجامع:637).

قال النووي رحمه الله تعالى في (المجموع:4/353):

الاعتبار في سماع النداء: أن يقف المؤذن في طرف البلد والأصوات هادئة والريح ساكنة، وهو مستمع فإذا سمع لزمه، وإن لم يسمع لم يلزمه اهـ.

وقد سئلت اللجنة الدائمة: إذا سمعت المؤذن من مسافة تقدَّر بثمانمائة متر فهل أصلي في مكاني أو أذهب إلى هذا المسجد الذي أذن فيه؟

فأجابت:

عليك أن تحضر إلى هذا المسجد تصلي فيه مع الجماعة، أو أي مسجد آخر أيسر لك منه، مادمت قادراً على ذلك. . . ثم استدلت اللجنة بالحديثين السابق ذكرهما.

وسئلت اللجنة أيضا عن رجل يسكن بالدور الثامن ويبعد عنه المسجد حوالي 500 متر، هل يجوز له إقامة الصلوات جماعة بأفراد أسرته بالمنزل؟

فأجابت:

صلاة الجماعة في المسجد واجبة، فعليك أن تغشى المساجد لتصلي الفريضة فيها مع المسلمين، وليس لك أن تترخص بصلاتها مع أهلك في البيت من أجل هذه المسافة اهـ.

(فتاوى اللجنة الدائمة:8/59) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين: هل يوجد تحديد للمسافة من بيته إلى المسجد؟

فأجاب:

المسافة ليس فيها تحديد شرعي، وإنما يحدد ذلك العرف أو سماع النداء على تقدير أنه بغير (الميكرفون).

(أسئلة الباب المفتوح:سؤال رقم 700).

وقال الشيخ ابن باز:

الواجب على من سمع النداء بالصوت المعتاد من غير مكبّر أن يجيب إلى الصلاة في الجماعة في المسجد الذي ينادى بها فيه . . .

أما من كان بعيداً عن المسجد لا يسمع النداء إلا بالمكبّر فإنه لا يلزمه الحضور إلى المسجد وله أن يصلي ومن معه في جماعة مستقلة . . . فإن تجشموا المشقة وحضروا مع الجماعة في المساجد التي لا يسمعون منها النداء إلا بالمكبر بسبب بعدهم عنها كان ذلك أعظم لأجرهم اهـ.

(مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: 12/58).

والله تعالى أعلى وأعلم.