الكوارث المهلكة من جراء منع زكاة الحرث
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
بعضُ النَّاس يَمتنعون عن أداء زكاة الحرْث يوم الحصاد، فيتعرَّضون إلى الجفاف والجوائح الطَّبيعيَّة، فهل يُعتبر ذلك جزاءً أم عقابًا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد خبَّرنا تعالى: أنَّه ما أصاب العبادَ من مصيبةٍ في أبدانِهم وأموالِهم وأولادِهم، وفيما يحبُّون؛ إلاَّ بسبب ما قدَّمته أيديهم من السيِّئات، وأنَّ ما يعفو اللَّه عنه أكثر؛ فقال عز وجلّ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال سبحانه: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 123]، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، فاللَّه تعالى لا يظْلِمُ العباد، ولكن أنفُسَهم يظلمون؛ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45].
في الصَّحيحَين عن أبي سعيدٍ: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: « ».
قال ابنُ كثير في تفسيره: "مهْما أصابَكم - أيُّها النَّاس - من المصائِب، فإنَّما هو عن سيِّئات تقدَّمت لكم، {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}؛ أي: من السيِّئات، فلا يجازيكم عليْها، بل يعفو عنها؛ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45]". اهـ.
وروى الإمام أحمدُ في"المسند": أنَّ أبا بكر قال: يا رسول الله، كيف الصَّلاح بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، فَكُلُّ سوء عملْناه جُزينا به؟ فقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « » قال: بلى، قال: « ».
وفي رواية عند أحمد عن ابنِ عمر قال: سمعتُ أبا بكرٍ يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: « ».
وفي رواية: لمَّا نزلت، قال أبو بكر: يا رسولَ الله، جاءت قاصِمة الظَّهر، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « ».
وروى ابنُ ماجه عن ابن عُمر أن رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: « »؛ حسَّنه الألباني.
وهذا الحديث نصٌّ ظاهِر، ودليل مستقل، على أنَّ ما يتعرَّض المزارعون وأصحاب المزارِع له، من جفافٍ وقحْط وغيرهما من الجوائح - من جرَّاء منعهم زكاة زروعهم،،
والله أعلم.