دفن طفلة حديثة الولادة مع الكبير

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: أحكام الغسل والتكفين والجنائز - فتاوى وأحكام -
السؤال:

السَّلام عليْكم ورحمة الله وبركاته،

توفِّيت عمَّتي، وتزامنَ معها وفاة مولودة حديثة الولادة من خارج العائلة، وقام أهلُها بالصَّلاة عليْها بنفس المسجد، وقرَّروا دفْنَها مع عمَّتي في نفس القبر

فما مدلول هذا؟ وما فائدته لعمَّتي؟ وهل هناك تفسير لهذا الحدث؟ 

أرجو من سيادتكم الرَّد، ولكم منَّا جزيل الشُّكْر والعِرفان.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّه لا يجوز أن يُدْفَن اثنان أو أكثر في قبرٍ واحد؛ ما لم تكُن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك؛ ككثرة الموتى، وضيق الأماكن. 

قال النَّووي في "المجموع": لا يَجوز أن يُدفن رجلان ولا امرأتانِ في قبر واحد من غير ضرورة، وهكذا صرَّح السَّرخسي بأنَّه لا يجوز، وعبارة الأكثرين: لا يدفن اثنان في قبرٍ كعبارة المصنِّف، وصرَّح جماعة بأنَّه يستحب ألاَّ يدفن اثنان في قبر. 

أمَّا إذا حصلت ضرورةٌ، بأن كثُر القتلى أو الموتى في وباءٍ أو هدْم، وغرق أو غير ذلك، وعسُر دفْن كلِّ واحدٍ في قبر - فيجوز دفْن الاثنَين والثَّلاثة وأكثر في قبرٍ بِحَسب الضَّرورة؛ للحديث المذْكور (يعني حديث دفن كل اثنين من قتلى أحد في قبر)، قال أصحابُنا: وحينئذٍ يقدَّم في القبر أفضلهم إلى القبلة، فلو اجتمع رجلٌ وصبيٌّ وامرأة، قدِّم إلى القبلة الرَّجُل ثم الصبي، ثمَّ الخنثى ثمَّ المرأة". 

قال الكاساني - رحمه الله - في "بدائع الصنائع": ولا ينبغي أن يُدْفَن الرَّجُلان والثَّلاثة في قبر واحد؛ لعمل الأمَّة على دفْن الواحد في قبرٍ واحد، من لدُن رسول الله - صلى الله عليو وسلم - إلى يومِنا هذا، فأمَّا عند الحاجة، فلا بأس به. 

ويقدَّم في اللحد أفضلُهم، ويجعل ما بين الرَّجُلين حاجزٌ من تراب؛ هكذا أمر النَّبيُّ - عليْه السَّلام - في قتلى أحد، وقال: «قدِّموا أكثرَهم قرآنًا». 

وعليه؛ فما دام قد دُفِن هذا المولود مع عمَّتك في قبر واحد، فلا يُنْبَش القبر لإخْراج أحدهما ودفنه في مكان آخر؛ لأنَّ مفسدة النَّبش أعظم من مفسدة بقائِهِما في قبر واحد.

وليْس هناك أي مدلول على ذلك ولا فائدة، إلاَّ ما يعتقِده كثيرٌ من العوامِّ أنَّ دفن الطِّفْل مع الكبير ينفعُه ويخفِّف عنه؛ وهذا لا أصْلَ له في الشَّرع،،

والله أعلم.