الجمع بين صلاة الجمعة والعصر
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الصلاة - فتاوى وأحكام -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز الجمْع بين صلاتي الجُمُعة والعصر بسبب المطر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فقد اختلف العلماء في مشروعية الجَمْع بين صلاتي الجمعة والعصر عند وجود سبب للجَمْع؛ فمنع الحنابلة والمالكية من الجمع بينهما، بل لم يجوِّزا الجمع بين الظهر والعصر في الحضر بسبب المطر، وقصرا مشروعية الجمع للمطر على المغرب والعشاء، كما في "المدونة" و"المغني"، حيث قال: فصل: فأما الجمع بين الظهر والعصر - يعني: في المطر - فغير جائز. اهـ.
أما الحنيفة، فلا يجوز عندهم الجمع أصلاً بين الظهر والعصر إلا بعَرَفة ومُزدلفة؛ للنُّسُك.
وذهب الشافعيَّةُ إلى جواز الجمْع بين الظُّهر والعصر في المطر، وكذلك نصُّوا على جواز الجمع بين الجمعة والعصر؛ لأنَّ الجمُعة فرْع عن الظهر؛ قال الإمام النووي في "المجموع": فرع: يجوز الجمع بين الجمعة والعصر في المطر. اهـ.
وقال البجيرمي في "حاشيته على الخطيب":
ويجوز للحاضر في المطر أن يجمع ما يجمع بالسفر، ولو جمعةً مع العصر (في وقت الأولى منهما). اهـ.
والحاصل: أن الجمهور منع من الجمع بين الجمعة والعصر: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة.
ومَن قال بالجمع بين الجمعة والعصر احتجَّ بأنَّ الأصول الشرعية تقتضي جوازه؛ إذ لا فرق بين الجمعة وبين الظهر؛ لأن الجمعة تصلَّى في وقتها، وتنوب عنها في السفر، ولمن ترك الجمعة يوم العيد إذا صلَّى العيد، ومن منع، فاحتج بأنه لَم ينقل عن النبي الجمْع بين الجمعة والعَصْر.
والذي يظهر: أن الأحوط مذْهب الجمهور، خُرُوجًا من الخلاف، وتغليبًا لجانب الاحتياط في العبادة.
قال الشيخ محمد العثيمين في "الشرح الممتع"، عند كلامه على شروط الجمع:
لا يصح أن يجمع إليها العصر؛ وذلك لأنَّ الجُمُعة صلاة مُنفردة مستقلة في شروطها وهيئتها وأركانها، وثوابها أيضًا؛ ولأن السُّنَّة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه جمع العصر إلى الجمعة أبدًا، فلا يصح أن تُقاس الجمعة على الظُّهر؛ لما سبق من المخالفة بين الصلاتَيْن، بل حتى في الوقت على المشهور من مذهب الحنابلة، فوقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى العصر، والظهر من الزوال إلى العصر، وأيضًا الجمعة لا تصح إلا في وقتها، فلو خرج الوقت تصلى ظهرًا، والظهر تصح في الوقت، وتصح بعده للعُذْر،،
والله أعلم.