هذا الذكر يفضل ذكر الليل مع النهار

  • التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها - الذكر والدعاء - دعوة المسلمين - الحث على الطاعات -
السؤال:

عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أحرك شفتي فقال لي: «بأي شيء تحرك شفيتك يا أبا أمامة؟ فقلت: أذكر الله يا رسول الله. فقال: ألا أخبرك بأفضل أو أكثر من ذكرك الليل مع النهار، والنهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، سبحان الله ملء ما في السماء والأرض، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول: الحمد الله، مثل ذلك» هل هذا الحديث صحيح أم مكذوب؟

الإجابة:

الحمد لله

أولا:

ورد هذا الحديث من طرق عدة عن الصحابي الجليل أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحرك شفتيه، فقال: ماذا تقول يا أبا أمامة ؟ قال : أذكر ربي . قال: ألا أخبرك ... ، فذكر الحديث .

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

"هذا الحديث من رواية أبي أمامة الباهلي: صدي بن عجلان مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وله عنه طرق ... ".

ثم ذكر الشيخ طرقه، وقال عن رواية الحاكم لبعض طرقه: "وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا ".

ينظر : (السلسلة الصحيحة:رقم/2578)، ونص على تصحيح الحديث ـ أيضا ـ في (صحيح الترغيب والترهيب:1575) .

وقد حسن الحديث الحافظ ابن حجر في (نتائج الأفكار:1/84)، وقال الهيثمي في المجمع (10/110): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح"، وصححه محققو مسند أحمد في طبعة مؤسسة الرسالة (36/459-460) وتوسعوا في تخريجه.

ثانيا:

أما ما يستفاد من الحديث، فأهمه فضيلة هذا الذكر الخاص، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن مَن أتى به نال الأجر العظيم الذي يفضل أكثر الأذكار.

ولذلك بوب الحافظ ابن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه عندما أخرج الحديث (1/370) بقوله:

" باب فضل التحميد والتسبيح والتكبير بوصف العدد الكثير من خلق الله أو غير خلقه " انتهى.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" تفضيل سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته: على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافا مضاعفة، فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه) من معرفته وتنزيهه وتعظيمه، من هذا القدر المذكور من العدد، أعظم مما يقوم بقلب القائل سبحان الله فقط. وهذا يسمى الذكر المضاعف، وهو أعظم ثناءً من الذكر المفرد، فلهذا كان أفضل منه.

وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه:

فإن قول المسبح سبحان الله وبحمده عدد خلقه يتضمن إنشاء وإخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له، فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون، وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه، لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده، بل أخبر أن ما يستحقه الرب سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره، فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عددا ولا يحصيه الحاصر...

 

والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره، وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه، وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله تعالى والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم، مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول: أحدها: إثبات صفات الكمال لله سبحانه وتعالى والثناء عليه.

الثاني: محبة الله تعالى والرضا به جل جلاله.

الثالث: فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه، وأعظمها قدرا، وأكثرها عددا، وأجزلها وَصفا، واستحضر العبد ذلك عند التسبيح، وقام بقلبه معناه، كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره، وبالله التوفيق" انتهى باختصار.

(المنار المنيف:34-38)

والله تعالى أعلى وأعلم.