حكم الوصال في الصيام
- التصنيفات: فقه الصيام - فتاوى وأحكام -
سؤال مهم بالنسبة لي: هل يجوز الصوم تطوعا إلى ما بعد المغرب، أي يومين متتاليين مثلاً؟
خلاصة الفتوى:
لا يشرع صيام يومين متتاليين من غير فطر بينهما؛ لأن هذا هو الوصال الذي ورد النهي عنه في الحديث، وهو مكروه عند أكثرأهل العلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ويواصل، لكن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك الفقهاء، والنهي عن الوصال محمول على الكراهة عند الجمهور، وفي المذهب الشافعي يحمل النهي عنه على التحريم في الأصح، أما تأخير الإفطار عن وقته؛ فإن كان على الاستنان والأفضلية فإنه مكروه أو خلاف الأولى .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صيام يومين متتاليين أو أكثرمن غير فطر هو الوصال المنهي عنه، وهو مكروه عند أكثرأهل العلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ويواصل، لكن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، كما صرح بذلك الفقهاء.
ففي "المهذب" في الفقه الشافعي: "ويكره الوصال في الصوم؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «
»، قالوا: إنك تواصل يا رسول الله، قال: « ».وهل هو كراهة تحريم؟ أو هو كراهة تنزيه؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه كراهة تحريم، لأن النهي يقتضي التحريم. والثاني: أنه كراهة تنزيه، لأنه إنما نهي عنه حتى لا يضعف عن الصوم، وذلك أمر غير محقق، فلم يتعلق به إثم، فإن واصل لم يبطل صومه، لأن النهي لا يرجع إلى الصوم، فلا يوجب بطلانه". انتهى.
وقد صرح النووي بأن الوجه الأصح في المذهب الشافعي أن النهي عن الوصال نهي تحريم، ثم ذكر مذاهب العلماء في الوصال فقال: "ذكرنا أن مذهبنا أنه منهي عنه، وبه قال الجمهور، وقال العبدري: وهو قول العلماء كافة إلا ابن الزبير، فإنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم". انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" بعد أن ذكر الوصال قال: "وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكل ولا شرب، وهو مكروه في قول أكثر أهل العلم، وروي عن ابن الزبير أنه كان يواصل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنا ما روى ابن عمر، قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فواصل الناس، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقالوا: إنك تواصل، قال: « »؛ متفق عليه. وهذا يقتضي اختصاصه بذلك، ومنع إلحاق غيره به". انتهى.
ومن هذا يتبين أن الوصال منهي عنه نهي كراهة، وفي المذهب الشافعي يحمل النهي عنه على التحريم في الأصح.
والله تعالى أعلم.