أريد أن أتوب من القروض الربوية

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: التوبة - الربا والفوائد -
السؤال:

لي أخ له مال وافر، لكن المشكلة أنه يقترض من البنوك الربوية، الآن يريد أن يتوب إلى الله، فكيف تنصحونه؟

علمًا بأنه لم يكن يعلم في السابق أن هذا حرام.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الرِّبا مِن أكبر الكبائر، وقد قال الله - تعالى - في حق أهله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275]؛ عقوبةً، وخزيًا وفضيحة لهم، وجزاءً لهم على مراباتهم ومعاملاتهم الخبيثة.

وقد توعد الله - تعالى - صاحبه بالحرب، فقال – سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].

وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – عما يلاقيه المرابون في قبورهم فقال كما في حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه –: «رأيت الليلة رجلين، أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج، رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج، رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر، آكل الربا»؛ رواهما البخاري.

وعن عون بن أبي جحيفة، قال: «رأيت أبي اشترى عبدًا حَجَّامًا، فأمر بمحاجمه فكسرت، فسألته، فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا، وموكله، ولعن المصور»؛ رواهما البخاري.

وعليه؛ فالواجب على أخيك أن يتوب توبةً نصُوحًا، ومِنْ شروطها: سَداد باقي القروض - إن كانت ما زالت موجودة - وإن استطاع أن يتخَلَّص مِنْ دفع الزيادة الرِّبوية، دون ضررٍ أو مفسدة، فيجب عليه ذلك؛ لأنه لا يجوز له أن يعطي الرِّبا؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم – «لعن آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء»؛ ورواه مسلم، عن جابر، و(آكل الرِّبا): هو آخذه، (ومؤكله): هو مُعطيه.

وإذا لَم يسْتَطِعِ التخلُّص مِنْ دفْع هذه الزِّيادة، فليدْفعْها مضطرًّا إلى ذلك، نادمًا تائبًا، عازمًا على عدَم العوْد إلى ذلك، ولا يُكَلِّف الله نفسًا إلا وُسعها.

وأما الأموال التي استفادها من المعاملات الربوية فيجب عليه أن يتخلص منها, ولا يأخذ سوى رأس ماله وإن كان قليلاً.

وأما كونه لم يكن يعلم حرمة ربا البنوك، ولا أنه هو عين ربا الديون المجمع على تحريمه – فنرجو أن يكون ذلك عذرًا له في عدم الإثم،،

والله أعلم.