الصلاة بوضوء باطل جهلًا
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه العبادات - فقه الطهارة - فتاوى وأحكام -
من مات ووضوءه خطأ فى أحد الأركان، وظل يصلى بخشوع حتى نهاية عمره، هل يعتبر كافرًا ولا يدخل الجنة؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن كان جاهلًا بالكيفية الصحيحة للوضوء، ولم يجد من يبلغه، فلا شيء عليه إن شاء الله.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2 / 48): "والصحيح في جميع هذه المسائل، عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطإ والنسيان، ولأنه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين، لم يَثْبُت حكم وجوبه عليه، ولهذا؛ لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر وعمارًا - لمَّا أجنبا - فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ - أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة، لمَّا كان يُجنِب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة - حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود – بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس - قبل بلوغ النسخ لهم – بالقضاء.
ومن هذا الباب، المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي؛ لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان: أحدهما: لا إعادة عليها؛ كما نقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: "إني حِضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتني الصلاة والصيام"، أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي. وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر: أن في النساء والرجال بالبوادي، وغير البوادي، مَن يَبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة: صلي، تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة، ظانَّة أنه لا يُخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة، كالعجوز ونحوها، وفي أتباع الشيوخ، طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات، سواء قيل: كانوا كفارًا، أو كانوا معذورين بالجهل". اهـ.
أما إن كان قد أخطأ في ركن من أركان الوضوء - وهو عالم بذلك - فالوضوء والصلاة غير صحيحين؛ لأن الوضوء لا يصح بترك ركن منه، والصلاة لا تصح؛ لفوات شرط الطهارة، وفي الحديث: « »؛ رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه ابن القيم.
هذا؛ والله أعلم