ابني والميراث

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الفرائض والوصايا - النهي عن البدع والمنكرات - فتاوى وأحكام -
السؤال:

بعد الصلاة على الرسول وآله أجمعين،،،

مشكلتي مع ابني الصغير؛ لأنه ضعيف الشخصية، يدور في فلك زوجته الأولى، سببت الجفاء وبعده عني، وعن أمه وإخوته وأخواته، حتى استفردت بذاتها، وصاحبت شابًّا استباح منزله - حيث يغيب - بداعي عمله، وكان الطلاق.تزوج الثانية، وعادت السيرة لذات الأسلوب، ونفس الدوامة، زوجته استأثرت وأهلُها ببيته وأتعابه، وأبعدتنا عنه، لا بل تَخَاصَمَ مع أَخَوَاتِهِ وإخْوتِهِ، وابتعد، وبدورنا ابتعدنا عنه.

زوجتي - والدته - تنتحب حيث سَبَّبَ لها الحزن السكري، والضغط، قامت بزيارتهم؛ لترطيب الأجواء، وعادت بعد أن تَلَقَّتْ من الكَنَّةِ وأمها الاستهزاءَ، وقلةَ الاحترام.

السؤال: ما العمل؟ هل أقاضيه وأنتزع منه ملكية الأرض والبيت الذين كانا لي وقدمتهما له هبة؟ هل أحرمه وأولادَه من باقي الميراث الذي كان سيؤول إليه من بعد موتنا؟

أرجو الحل والإفادة؛ أثابكم الله.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالمواريثُ من حدود الله التي يجب الوقوفُ معها، وعدمُ مجاوزتها، ولا القصورُ عنها، ومن يخالفْ ذلك، توعَّده الله بالعذاب الأليم؛ فالله - تعالى - قد تَوَلَّى قسمة التركات، ولم يتركْها لأحدٍ من نَبِيٍّ مُرسل، ولا مَلَك مقرَّب، فمَن دونَهُما، ثم قال - سُبحانَه - عقيب آية المواريث: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 13 - 14].

وعليه؛ فلا يجوز لَكَ حِرمانُ ابنك مِمَّا فرضهُ اللَّه له في مُحكم كتابِه، وعلى لسان رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وَمَن وَصَّى بحرمان أحد الورثة من حقه، فوصيَّتُهُ باطلةٌ؛ لا سيما إذا كان الحرمان عن طريق البَيْعِ الصُّوري لإخْوَته، أو غير ذلك.

قال الشيخ حسن مأمون - شيخ الأزهر الأسبق -: "إنَّ أحكامَ الشَّريعة الإسلاميَّة تَقضي بِتَرْك تفضيلِ بَعْضِ الوَرَثَة عن البَعْضِ الآخَر، وأن يَتْرُكَ كلُّ شخص مِلْكَه يُوَرَّث عنه بعد وفاتِه، طبقًا لِقِسْمَة الشَّارع الحكيم الذي قسَّم التَّرِكات بعد وفاة المالك قسمةً عادلةً، وحذَّر من تفضيل بعضِهم على بعض؛ إبقاءً على صلة القُربى، ومنعًا من إثارة البَغْضَاء بيْنَ أفراد الأسرة الواحدة، ولأنَّ إيثارَ بعْضِ الوَرَثَة فيه إيذاءُ البَعْضِ وإيحاشُهم، وأنه يؤدِّي إلى قطع الرحم، وهو حرام، وما أفضى إلى الحرام حرام".

أما أخذ البيت الذي وهبته له؛ ليتزوج فيه، فجائز؛ لما رواه أحمدُ، وأصحاب السنن، عن ابن عمر، وابن عباس - رضي الله عنهم - أنه - صلى الله عليه وسلم – قال: «لا يحل لرجُلٍ أن يُعْطِيَ العطية، فيرجعَ فيها، إلا الوالدَ فيما يُعْطِي وَلَدَهُ».