محاسبة من يتسبب في إضرار المسلمين

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه المعاملات - التقوى وحب الله - دعوة المسلمين - فتاوى وأحكام -
السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

شيخي العزيز: لديَّ سؤال: نحن أربعة أشخاص مسلمين، نشتغل في معمل، في وقت الصلاة: نذهب ثلاثةٌ لنصلي، إلا واحدًا لا يريد، ويقول: إن العمل كثير، وسأصلي وحدي، وبعد ذلك تبين أنه نمام، يوصِّل الخبر إلى المسؤولين بأننا نأتي متأخرين إلى العمل، وبعد ذلك أنكر أنَّه لم يفعل شيئًا من ذلك كلِّه، ولكنّه يكذب؛ لأنَّه الوحيد الذي يعرف.

السؤال: هل يجوز أن أخرجه من العمل؛ لأنه إنسان خطير ومعروف، ولا تنفع معه أي نصيحة، ولا شيء، ويعمل ذلك من أجل الترقي في المنصب، على حساب إخوانه المسلمين في ديار الكفر.

أفيدونا؛ جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فاعلم - أولًا - أن بقاء المسلم في ديار الكفر - من غير ضرورة تحوجه إلى ذلك - ممنوع شرعًا.

أَمَّا ما ذكرت من أن هذا الشخص يشي بكم لصاحب العمل، ويفسد عليكم علاقتكم به؛ كي يترقَّى هو، فهذا لا يجوز، والواجب عليكم توجيهُهُ إلى الخير، ومُنَاصَحَتُهُ، والإنكار عليه، وعدم اليأس من صلاحه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع، فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان»؛ رواه مسلم، فإن لم يمتثل، وكان في ذهابكم للصلاة ضررٌ عليكم، فيمكنكم أن تصلوا جماعة في مكان العمل.

أما إبعاده عن العمل؛ لأنه يريد أن يترقَّى على حسابكم، فلا ننصح به؛ حتى وإن كان ذلك من صلاحيتك؛ لأن المؤمن لا يقابل السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ويدفع بالتي هي أحسن؛ كما قال الله – تعالى -: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

والذي ننصحك به: أن تتوكل على الله حق توكله، وأن تخلص لله - تعالى - ابتغاء مرضاته، دون من سواه، وأد عملك على أكمل وجه، دون تقصير، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما قُدِّرَ عليك سوف يقع لا محالة، وأن الأرزاق بيد الله، ولن تموت نفس حتى تستوفيَ رزقها.

وَتَذَكَّرْ قول الله - تعالى -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3].

فمن خذله الناس لتمسكه بدينه، أعانه الله وكفاه؛ فقد روى ابن حبان في "صحيحه": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله، ومن أسخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس».

هذا ونوصيكم بأن تكون أموركم واضحة مع صاحب العمل، فأخبروه بأنه إذا حضر وقت الصلاة فإنكم لا بد أن تتركوا العمل لتصلوا، فإن رضي وإلا فاعرضوا عليه تعويض الوقت الذي اقتطعتموه للصلاة، أو يخصم من المرتب،،

والله أعلم.