رؤية الخاطب خطيبته المنتقبة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: العلاقة بين الجنسين - فتاوى وأحكام -
السؤال:

أرجو الإفادة،

فأنا مقبل على خطبة فتاة منتقبة، فما مشروعية رؤيتها بدون النقاب في فترة الخطوبة التي ستطول إلى 6 أشهر، أخذًا في الاعتبار: أنني ممن ينسى الوجوه سريعًا، وأنني أخشى من وساوس الشيطان أن أتردد بعد الخطبة، وأتشكك فيما رأيت أثناء الرؤية الشرعية السابقة للخطبة، مع العلم أني أعمل في بيئة مختلطة، وبها الكثير من النساء غير المحتجبات، وبعضهن على قدر من الجمال.

و جزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالأصل حرمة النظر إلى المرأة الأجنبية، وقد استثنى أهل العلم بعض الحالات التي يجوز فيها النظر للنساء، ومن هذه الحالات: نظر الخاطب إلى من يريد خطبتها؛ لما روى مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل، فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئًا».

وفي المسند وسنن أبي داود عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خطب أحدكم المرأة، فَقَدَرَ أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها، فليفعل»، وزاد أبو داود: قال جابر: «فخطبت جارية، فكنت أَتَخَبَّأُ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها؛ فتزوجتها».

وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العلة في ذلك؛ وهي دوام العشرة؛ فروى أحمد والترمذي عن المغيرة بن شعبة، قال: «خطبت امرأة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنظرت إليها؟ قلت: لا، فقال: انظر إليها؛ فإنه أحرى أن يُؤْدَمَ بينكما»، قال الحافظ ابن حجر: "فيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا، ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء".

وللخاطب أن يكرر النظر حتى يحصل المقصود، فإذا حصل المقصود، رفعت الحاجة التي من أجلها أبيح النظر، ورجع الحكم إلى الأصل، وهو حرمة النظر إليها؛ لأنها ما زالت أجنبية عنه حتى يعقد عليها.

قال - في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" -: "وله تكرير نظره ولو أكثر من ثلاثة - على الأوجَهِ - ما دام يظن أن له حاجة إلى النظر؛ لعدم إحاطته بأوصافها، ومن ثم لو اكتفى بنظرة حرم الزائد عليها؛ لأنه نظر أبيح لضرورة، فَلْيَتَقَيَّدْ بها". اهـ.

وعليه؛ فإنه يجوز لك النظر إلى مخطوبتك بقدر الحاجة التي تدعوك إلى نكاحها، فإن حصل المطلوب، وجب عليك الكف عن ذلك، ولا شك أن ما ذكرته من أنك تنسى الوجوه - سريعًا - غير مُسَوِّغٍ ولا مبرر لتكرار النظر بعد حصول المقصود.

وننبه السائل إلى أنه لا يجوز له العمل في بيئة مختلطة، إلا إذا انعدم البديل، وكانت هناك ضرورة تدعوك إلى ذلك، مع الحرص والسعي في إيجاد البديل وليكن ذلك وفق الضوابط الشرعية التي وَضَعَهَا لنا خالق البرية: من غض البصر عن النساء، وتجنب مصافحتهن، والخلوة معهن،،

والله أعلم.