عنعنة المدَلِّس

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

من برنامج فتاوى نور على الدرب، الحلقة الثانية والسبعون 9/3/1433هـ

  • التصنيفات: الحديث وعلومه -
السؤال:

هل المدَلِّس إذا عنعن في الحديث يكون ضعيفًا بسبب العنعنة، أم لا بد من ظهور علة أخرى؟

الإجابة:

المدَلِّس هو: من يروي الحديث عمّن سمع منه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة، كأن يقول: (قال فلان) أو (عن فلان)، هذه الصيغة موهمة، وهذا حد التدليس، فإذا وُجد في حديثِ من وُصِفَ بالتدليس مثلُ هذا بأن عنعن أو أتى بالصيغة الموهمة فهو الحديث المُدَلَّس.

والمدلسون لا شك أنهم على طبقات جعلها ابن حجر خمس طبقات، وذكر في الطبقتين الأولى والثانية أن هؤلاء من احتمل الأئمة تدليسهم؛ لأنه نادر أو مغتفر بجنب إمامتهم، فمثل هذا لا تضر عنعنته، فتقبل مروياتهم بأي صيغة أدوها، أما إذا كان من الطبقة الثالثة، ومن كثر منه التدليس ودلس عن غير الثقات فمثل هذا لا بد أن يصرح بالتحديث أو السماع.

فإذا وُجدت روايةٌ لأحد من هؤلاء الطبقة الموصوفين بكثرة التدليس، ووجد في مروياتهم مما دلسوه عن غير ثقات فإن هؤلاء لا بد فيهم من التصريح بالتحديث أو السماع، وإذا لم يُصرحوا فإن الحديث يعل بذلك.

والسائل يقول: "هل المدَلِّس إذا عنعن في الحديث يكون ضعيفًا؟" نعم يكون الحديث ضعيفًا بهذا.

ويستثنى من ذلك ما في (الصحيحين) من هذا النوع، فإنه محمول على الاتصال، فعنعنة المدلسين في (الصحيحين) محمولة على الاتصال، وليس مقام (صحيح البخاري) ومقام (صحيح مسلم) كغيرهما من الكتب؛ لأن هذين الكتابين تلقتهما الأمة بالقبول، واشترط الإمامان صحة ما أودعاه فيهما ووفيا بشرطهما، بخلاف من اشترط الصحة ولم يَفِ أو من لم يشترط الصحة أصلاً، فإن هذا يختلف حكمه عن حكم (الصحيحين).

فإذا وُجدت العنعنة في غير (الصحيحين) مما لم يحتمل الأئمة تدليسه فإنه يتوقف فيه حتى يصرح أو يوجد ما يشهد له من أنه محفوظ وليس فيه إسقاط لضعيف في سنده، والله أعلم.