حكم العادة السرية في شهر رمضان
خالد عبد المنعم الرفاعي
حكم العادة السرية في رمضان
- التصنيفات: فقه الصيام - النهي عن البدع والمنكرات -
العاده السرية في شهر رمضان، ما حكمها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالعادة السرية محرمة في نهار رمضان، ومُبْطِلة للصوم، وتوجب التوبة والقضاء، ولا توجب الكفارة، وهو قول جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم، ففي "الصحيحَيْنِ" وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قال الله تعالى: إلا الصومَ، فإنه لي وأنا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
وفاعل العادة السرية لم يَدَعْ شهوتَهُ؛ لأن المنيَّ من (شَهْوَة) بلا تردد، ومن تأمل سنة النبي - صلّى الله عليه وسلّم – علم أن المني يسمى شهوة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم قال: «وفي بُضْعِ أحدِكُم صَدَقَةٌ»، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»؛ والذي يُوضَعُ هو المنيُّ، وقد سماه الصحابة شهوة، والنبي - صلّى الله عليه وسلّم - أقرهم على تلك التسمية.
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 128):
"ولو استمنى بيده فقد فعل محرمًا، ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل، فإن أنزل فسد صومه؛ لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة".
هذا؛ والعادة السرية محرمة في رمضان، وفي غير رمضان، وإن كانت في رمضان أشد حرمة لانتهاك حرمة الشهر الفضيل بتعمد إبطال الصوم.
وهي من الاعتداء الذي حرمه الله – تعالى - في كتابه؛ قال عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5-7]؛ وقدِ استدلَّ الإمام الشَّافعي - رحِمه الله تعالى – والجمهور على تَحريم الاستِمْناء بِهذه الآية الكريمة.
لأن الله سبحانه وتعالى لم يبح إلا الاستمتاع بالزوجة والأمة، وَجَعَلَ ما سواهما اعتداءً، خصوصا وأن من يفعل ذلك غالبًا ما يتصور في ذهنه امرأة يجامعها، وهذا مما حرمه الشارع الحكيم؛ كما في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»، والحديث ظاهر الدلالة في حرمة التفكر بالقلب وتصور امرأة يجامعها، وجعله صلى الله عليه وسلم نوعًا من الزنى، وهذا ما يفعله المستمني.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع الفتاوى" (34/ 229-230):
"أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد وكذلك يعزر من فعله. وفي القول الآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره، ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة: مثل أن يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به، ومثل أن يخاف إن لم يفعله أن يمرض، وهذا قول أحمد وغيره. وأما بدون الضرورة فما علمت أحدا رخص فيه". اهـ..
هذا؛ والله أعلم.