العمل في مطعم دجاج غير حلال
خالد عبد المنعم الرفاعي
يسأل: أعمل طباخ في مطعم يبيع لحوم حلال وأخرى غير حلال، هل الراتب الذي أتقاضاه هو حرام (كله أو جزئه)، و كيف أخرج الجزء الحرام منه إن أمكن؟
- التصنيفات: فقه المعاملات -
السلام عليكم،
أنا شاب أعيش في أمريكا، و أعمل طباخ في مطعم يبيع الدجاج و السمك، أصحاب المحل يشترون اللحوم و الدجاج من متجر كبير معروف يبيع السلع للمطاعم كلها. بعض هذه اللحوم حلال كالسمك و بعض صدور الدجاج، و البعض الآخر غير حلال (كما هو الحال بالنسبة لأجنحة الدجاج الأكثر مبيعًا في المطعم).
سؤالي عن الراتب الذي أتقاضاه: هل هو حرام (كله أو جزئه)، و كيف أخرج الجزء الحرام منه إن أمكن، و هل لي أن أستغل هذا المال كرأس مال في عمل مشروع أو للدراسة في حال لم أَجِد عمل آخر؟
جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن كان الحال كما ورد في السؤال، فإنه لا يجوز العمل في طهي اللحم الميتة؛ فتحريم لحم الميتة من المعلوم من الدين بالضرورة؛ قال الله - تعالى -: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145].
والمسلم مطالب أن يكف نفسه عن فعل الحرام، وألا يعين غيره على فعل شيء محرم ولو كان بتحْضير الأطباق التي تقدَّم فيها وجباتٌ من لحم الميتة؛ لما في ذلك من تعاوُن على الإثم والعدوان؛ قال - تعالى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
فإن استطاع أن يكون عمله قاصراً على الأعمال المباحة في هذا المطعم، فلا يطهو إلا الطعام الحلال فقط، فيجوز له البقاء.
أما إن لم يستطع الاقتصار على الحلال، كما هو الظاهر، فيجب عليه البحث عن عمل آخر، ، وقد قال الله – تعالى -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]، مَن ترك شيئًا اتِّقاءً لله - عزَّ وجلَّ - أعْطاه الله خيرًا منه؛ كما ثبت عن رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في "مسند أحمد".
وقال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «إنَّ رُوح القُدس نفث في رُوعي: أنَّ نفسًا لن تَموت حتَّى تستكمِل رِزْقَها؛ فاتَّقوا الله وأجْمِلوا في الطَّلب، ولا يحملنَّكم استِبْطاء الرِّزْق أن تطلبوه بِمعاصي الله؛ فإنَّ الله لا يُدْرَك ما عندَهُ إلاَّ بطاعتِه»؛ رواه عبدالرزَّاق في "مصنَّفه"، والبزَّار في "مسندِه"،
فلا يجوز البقاء في هذا العمل إلا لضرورة، مثل أن يخشى على نفسه التعرض للهلاك، أو الضرر الشديد، ونحو ذلك، وكذلك إن لم يتيسر له عمل غيره، ولم يكن عنده مال ينفق منه على نفسه، أو على من تجب عليه نفقته- فلا بأس حينئذ من البقاء في العمل؛ وهو في حكم المضطر؛ {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119].
أما حكم الراتب الذي يتقاضاه مقابل هذا العمل المحرم، فلا يجوز تملكه، لأن أجرة الحرام حرام، ويجب عليه التخلص منه، بصرفه في مصالح المسلمين، إلا أن يكون محتاجًا إليه من أجل حاجاته الأساسية كالطعام والشراب والمسكن، فيجوز له أن ينفقه على نفسه،، والله أعلم.