ما حكم من سب الدين ثم استغفر؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
حكم سب الدين، ليس الدين إنما الشخص أثناء الصيام؟
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
حكم سب الدين، ليس الدين إنما الشخص أثناء الصيام؟ وما حكم شخص كان يلعب بلايستيشن وكان أيضًا يوجد شخص يلعب معه وقال: "الله" على هدف أحرزه، فرد علي في لحظة انفعال وأخطأ وقال: "بلا الله بلا..." قال شتيمة، ثم استغفر.
هل هو كفر؟ وما يجب عليه فعله؟
أن هذا الموقف مر عليه سنين كثيرة، وأنه استغفر، هل صلاته وصومه كلها خطأ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن سب الدين جادًا أو مازحًا، كفر أكبر مخرج من الملة، أما قول السائل: ليس الدين إنما الشخص، إن قصد أنه سب الدين وأراد خلق الشخص، أو ما شابه، فهو كفر أيضًا، وأما إن سب الشخص ولم يلفظ بكلمة الدين، فهو فسق فقط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كناب "الإيمان"(ص: 174-175):
"وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعاً، فقد شرح بها صدراً وهي كفر؛ وقد دل على ذلك قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64: 66] . فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم، مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض ونلعب، وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه، منعه أن يتكلم بهذا الكلام. والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه". اهـ.
أما من سب الله أو تنقص منه بأي صورة، فهو كفر أكبر؛ قال ابن نجيم في "البحر الرائق" (5/134): "إن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعبُا، كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده".
وقال أبو محمد بن حزم في "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (3/ 116):
"... وبقي من أظهر الكفر لا قاريًا ولا شاهدًا ولا حاكيًا ولا مكرهًا على وجوب الكفر له بإجماع الأمة على الحكم له بحكم الكفر وبحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وبنص القرآن، على من قال كلمة الكفر أنه كافر، وليس قول الله عز وجل {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} [النحل: 106]، على ما ظنوه من اعتقاد الكفر فقط، بل كل من نطق بالكلام الذي يحكم لقائله عند أهل الإسلام بحكم الكفر، لا قاريًا ولا شاهدًا ولا حاكيًا ولا مكرهًا، فقد شرح بالكفر صدرًا، بمعنى أنه شرح صدره لقبول الكفر المحرم على أهل الإسلام، وعلى أهل الكفر أن يقولوه؛ وسواء اعتقده، أو لم يعتقده؛ لأن هذا العمل من إعلان الكفر على غير الوجوه المباحة في إيراده، وهو شرح الصدر به". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فتجب التوبة من الردة والنَدم والاستغفار، والإقلاع عن سبب الردة، والنطَق بالشهادتين، وبهذا يصير مسلمًا؛ كما قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، فمن ارتد ثم رجع للإيمان، قبل الله توبته وغفر له.
قال الحجاوي المقدسي في "زاد المستقنع في اختصار المقنع" (ص: 225)
"وتوبة المرتدِّ - وكل كافر - إسلامُه؛ بأن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ومَن كفر بجحدِ فرضٍ ونحوه، فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحودِ به، أو قول: أنا بريء من كلِّ دين يخالف دين الإسلام"؛ انتهى.
هذا؛ والله أعلم.