كيف أتخلص من اللواط، وهل عبادتي مقبولة؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

هل صلواتي مقبولة؟ هل عبادتي محسوبة؟ هل إذا ذهبت للعمرة تجوز عمرتي؟ هل صيامي مقبول؟ هل الصدقة التي أقوم بها مقبولة؟ أنا لوطي مع حزني الكبير.

  • التصنيفات: التوبة - تزكية النفس -
السؤال:

أرجوكم ساعدوني يئست من أفعالي رغم علمي بالخطأ والمصير..

هل صلواتي مقبولة؟ هل عبادتي محسوبة؟ هل إذا ذهبت للعمرة تجوز عمرتي؟ هل صيامي مقبول؟ هل الصدقة التي أقوم بها مقبولة؟

أنا لوطي مع حزني الكبير، أنا أصلي وأصوم ودعوت الله أن يخلصني من هذه المعصية، ولكني لم أستطع التغلب على أفعالي، حاولت أن أتقدم بخطوة الزواج، أقسم بالله لم تتحرك مشاعري ولو نطفة، لا يوجد لي أي شعور اتجاه الأنثى لأني أشعر بشعورها لحاجتها للرجل.. أخاف أن أظلم الفتاة إذا تزوجتها لذلك لا أرغب في أن أتقدم بهذه الخطوة.

اخترت أن أذهب إلى العمرة في رمضان؛ تقربًا ولفضل العمرة في رمضان، وألجأ إلى الله وأقترب منه بدعائي ليرزقني الفطرة السليمة التي رزقها الرجال.

لكني لا أتجرأ أن أقول بأني تبت؛ لأني أخاف أن أخلف بعهدي ووعدي لله.

أرجوكم ساعدوني، هل لي من عمرة؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فقد عُلِم بالاضطِرار من دين الإسلام، ودينِ سائر الأُمَم من قبلنا تَحريمُ فاحشة اللُّوطيَّة، وأنها من أقبح المنكَرات عند المسلمين، وسائر الأمم من قبلهم، وتُوجِبُ قتل الفاعل والمفْعول، وقد عذَّب الله مقترفَهَا بعذابٍ ما عذَّبه أحدًا من الأُمم، حيث طَمَسَ أبصارَهم وقلب مدائنَهم، فجعل عاليَها سافلَها، وأتْبَعَهم بالحِجارة من السَّماء، وحكم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على صاحبها بالرَّجم بالحجارة حتى الموت؛ كما في السُّنن عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن وجدتُموه يعمل عملَ قومِ لوطٍ، فاقْتلوا الفاعل والمفعول به».

 قال شيخ الإسلام: "وقد اتَّفق الصَّحابة على قتلِهما جميعًا، لكن تنوَّعوا في صفة القتْل؛ فبعضُهم قال: يُرجم، وبعضُهم قال: يُرْمى من أعْلى جدار في القرْية ويُتْبَعُ بالحجارة، وبعضهم قال: يُحْرق بالنَّار؛ ولهذا كان مذهب جمهور السَّلف والفُقهاء: أنَّهما يُرجمان، بِكْرَين كانا أو ثيِّبَين، حُرَّين كانا أو مملوكَين، أو كان أحدُهُما مملوكًا للآخَر، وقد اتَّفق المسلِمون على أنَّ من استحلَّها بمملوك أو غير مملوك، فهو كافرٌ مرتدٌّ، وكذلك مقدِّمات الفاحشة عند التلذُّذ بقبلة الأمرد، ولمسِه، والنَّظر إليْه، هو حرام باتِّفاق المسلمين". اهـ.

فالواجب الإسراعُ بالتَّداوي بأدْوية الشَّرع؛ فإنَّ الله أنزل الدَّاء، وأنزل الدَّواء، وجعل لكلِّ داءٍ دواءً؛ فتداوَوا؛ كما رواه أحْمد وأبو داود.

وفي الصحيحين قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ومَن يسْتَعْفِفْ يُعِفَّه الله، ومَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِه الله، ومَنْ يتصبَّر يُصَبِّرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ منَ الصَّبر»، فالخُلُق والقِيَم والمشاعر منها ما هو فِطريٌّ، ومنها ما هو مكتَسَبٌ.

والله تعالى وعد كل من جاهد نفسَه في ذات الله، بهداية السبيل؛ وتحقَّيق الشفاء والمراد؛ كما قال الله – تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، فسارع بعلاج نفسك إيمانيًّا، ونفسيًّا.
وهذه الطَّريقة هي الَّتي سلكها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في علاج الانحِراف السُّلوكي المتمكِّن في النَّفس البشريَّة، بحيث يبْدو في ظاهر الحال أنَّه يستحيل العلاج؛ فقد روى أبو أُمامة أنَّ غلامًا شابًّا أتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسولَ الله، ائذن لي في الزِّنا، فصاح النَّاس: مَهْ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
«أقِرُّوهُ، ادْنُ»، فدنا حتَّى جلس بين يَدَي رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «أتحبُّه لأمِّك؟» قال: لا، قال: «وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لأمَّهاتهم، أتحبُّه لابنتِك؟» قال: لا، قال: «وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لبناتهم، أتحبُّه لأختك؟» قال: لا، قال: «وكذلك الناس لا يحبُّونه لأخواتهم، أتحبُّه لعمَّتك؟» قال: لا، قال: «وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لعمَّاتهم، أتحبُّه لخالتِك؟» قال: لا، قال: «وكذلك النَّاس لا يحبُّونه لخالاتهم»، فوضع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدَه على صدْرِه، وقال: «اللهُمَّ كفِّر ذنبَه، وطهِّر قلبَه، وحصِّن فرجَه»؛ رواه أحمد والطَّبرانيُّ في "الكبير".

وكذلك قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما غضِب الرَّجُل: «إني لأعلمُ كلمةً لو قالها، لذهب عنه الَّذي يَجِدُ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»؛ متفق عليه، وقال لمَن لم يستطعِ الزَّواج: «عليه بالصوم، فإنَّه له وِجَاءٌ»؛ كما في الصحيحين وغيرهما.

كما يجب الصَّبر عن المعصية والإكْثار من الطَّاعات وصدق اللُّجوء إلى الله، ومُجالسة الصَّالحين، والتعوُّذ بالله منَ الشَّيطان ووساوسِه، وتقْوية العزيمة.

والشَّرع الحنيف يحض المسلم لعدم الاستسلام للفساد الطارئ على الفطرة الإنسان، ومَا وقع فيها من مُوبقات، ويعمل على تقويمها، بالاستعانة بالله، والتَسَلَّح بالصبر الجميل؛ فكلُّ مَنْ به خَصْلَةُ سوء، فهو مطالَبٌ بجهاد النفس على الخلاص منها، وَأَخْذِ النفس بالشدة والحزم، وَحَجْزِهَا عن غيِّها، وعدم الاسترسال مع الشذوذ، والعملِ على كل ما من شأنه أن يقويَ الإيمان، من قراءة القرآن بتدبر، والمحافظة على الفرائض والسنن، مع إدمان الذكر، وقطع الطريق على النفس؛ بقطع أي علاقة آثمة، وتغليب التفكير العقلي، والنظر في العواقب، وتذكر ما يعقب التلبس بالفاحشة من الحُزْن، والحرمان، وقسوة القلب، والفضيحةُ في الدنيا، وعلى رؤوس الأشهاد في الآخرة، وغير ذلك من شؤم المعاصي.

مما يعين على الإقلاع: القراءة في منزلة المراقبة، والخوف من الله من مكره بالعبد إذا تمادى، فيرفع الله عنه الستر ويفضحه، وينقلب الأحباب إلى أعداء.

فالله سبحانه أمر بقطع اليد في ثلاثة دراهم، وجلد الحد في القدر القليل من الخمر، وأدخل امرأة النار في هرة، وأشعل الشملة نارًا على من غلها وقد قتل شهيدًا، وعاقب رسوله آدم – عليه السلام - الذي خلقه بيديه، وأسجد له ملائكته، عاقبه لمخالفته أمرًا واحدًا، فهل بعد هذا يترك من يفعل الفاحشة، وتنتهك محارمه، إلا أن تاب تقطع قلبه نَدَمًا، ورجع إلى الله وخافه غاية الخوف؛ فبذلك يعفو اللهُ عنه، ويمده بمدد من عنده.

كما أنصح السائل بعدم التردد في عرض نفسه على طبيبٍ نفسيٍّ صاحِبِ أمانَةٍ؛ ليُعِينَه على الخروج من تلك المحنة.

وليكثر من الدعاء النبوي: «اللهم اغفر ذنبي، وطهر قلبي، وحَصِّنْ فرجي»، «اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي»، «اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيعُ، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانةُ».

أما أداء الصلاة والصوم والعمرة وبقية الطاعات، فشرط قبولها هو الإسلام، وليس الامتناع عن الكبائر،، والله أعلم.