لماذا لا يستجيب الله الدعاء؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

أدعو الله كثيرا، ولكن الحياة عندي ملخبطة كثير، أتمنى شي ويحدث غيره يجعلنى أحزن وأصاب بالفتور علما بأني أحافظ على الصلاة وخاصة صلاة الفجر.

  • التصنيفات: الذكر والدعاء - الطريق إلى الله -
السؤال:

أدعو الله كثيرا، ولكن الحياة عندي ملخبطة كثير، أتمنى شي ويحدث غيره يجعلنى أحزن وأصاب بالفتور علما بأني أحافظ على الصلاة وخاصة صلاة الفجر.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، غير أنه قد يتخلفُ عنه أثرُه؛ إما لضعفِه في نفسه؛ بأن يكون دعاءً لا يحبُّه الله؛ لِمَا فيه من العدوان، وإما لضعف القلب، وعدم إقباله على الله، وجمعيَّته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرِّخو جدًّا؛ فإن السهم يخرج منه خروجًا ضعيفًا، وإما لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، والظلم، ورَيْنِ الذُّنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة، والسهو، واللهو، وغلبتها عليها؛ كما في مستدرك الحاكم من حديث أبى هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ادعُو الله -وأنتم موقنون بالإجابة - واعلموا أن الله لا يَقبلُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ».

فغفلةُ القلب عن الله تُبطِل قوة الدعاء، وكذلك أكلُ الحرام يُبطِل قوته ويضعفها؛ كما في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيها الناسُ، إن الله طيبٌ لا يَقبَل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ،ثم ذَكرَ الرجل يُطيل السفر، أشعثَ، أغبرَ، يَمُدُّ يَدَهُ إلى السماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبسُه حرامٌ، وغُذِي بالحرام؛ فأنَّى يُستجاب لذلك».

وهناك مانع لا يقل قوة عما سبق، وهو ظن الداعي أن الدعاء صفقة بينه وبين الله تعالى! وهذا أمر يحتاج لمعرفة شأن العبد وشأن الرب، ومن تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» ، أدرك بعض هذا.

أيضًا فإن فهم بعض الناس عن استجابة الدعاء فهمٌ قاصرٌ، فعدم الا ستجابة؛ فاستجابة الدعاء لها صورٌ، فتقع بعين ما دُعِي به، أو بعوضه، أو بادِّخار الأجر، "كلُّ داعٍ يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛ فتارةً تقعُ بعين ما دعا به، وتارةً بعوضه" قاله والحافظ ابن حجر في "فتح الباري".

والحاصل أن استجابةُ الدعاءِ ليست عَلَى الوجه الذي يتوقعه الداعي، لذلكِ؛  كما بينه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا، فقال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ السُّوءَ بِمِثْلِهَا»، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ».

هذا؛ والله أعلم.