قال لها (لوتكلمتي فى هذا الموضوع تكوني طالق)

خالد عبد المنعم الرفاعي

.. وبالتالى تحدثنا سويا فى هذا الموضوع وتكلمت انا معه أيضا فى هذا الموضوع لاعتقادى ان اليمين قد انحلت عندما سمح لى زوجى بالكلام وان المشكلة قد انحلت بتوفر المال الذى قد استلفه فهل وقع طلاقا بكلامى معه

  • التصنيفات: أحكام الطلاق - الأيمان والنذور -
السؤال:

حلف عليا زوجى يميناً معلقا وقال لو اتكلمتى فى الموضوع ده تانى تبقى طالق وكانت نيته حتى موعد الراتب ولَم اتكلم وهو موضوع ذهابى للطبيبه بسبب عدم توفر المال معه وبعد يومين استلف نقودا قبل الراتب وقال لى تعالى اذهب بك للطبيبه وبالتالى تحدثنا سويا فى هذا الموضوع وتكلمت انا معه أيضا فى هذا الموضوع لاعتقادى ان اليمين قد انحلت عندما سمح لى زوجى بالكلام وان المشكلة قد انحلت بتوفر المال الذى قد استلفه فهل وقع طلاقا بكلامى معه قبل موعد الراتب وشكرا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

 فالزوج إن علق طلاق زوجته على شيء، وهو يقصد إيقاعَ الطلاق عند تحقق الشرط، وقع الطلاق عند عامة الأئمة، وقد نقل أبو مُحمَّد بن حزمٍ في: كتابه "مراتبِ الإجْماع" اتفاق الأئمة على ذلك، وأقرّه شيخ الإسلام ابن تيمية في "نقد مراتب الإجماع".

وأما إن كان الزوج لا غرض له في الطلاق، ولم يقصده، وإنما أراد به منع زوجته من فعل شيء، أو حضها على شيء، أو توكيد شيء- فهو يمين من أيمان المسلمين، ولكن جمهور العلماء أوقعوا به الطلاق إن حصل ما عُلِّق عليْه اليمين، ولم يوقعه طوائف من السلف منهم طاوس ودود الظاهري وهو مذهب شيخُ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، قالوا: هي يمين مكفّرة.

قال شيخُ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (33/ 61-62):

"وكذلك قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: ابن عمر وابن عباس وعائشة وأم سلمة، وزينب ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وغير واحد من الصحابة-: في من قال: إن فعلت كذا، فكل مملوك لي حر، قالوا: يكفر عن يمينه، ولا يلزمه العتق، هذا مع أن العتق طاعة وقربة؛ فالطلاق لا يلزمه بطريق الأولى؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنه: "الطلاق عن وطر، والعتق ما ابتغي به وجه الله"؛ ذكره البخاري في صحيحه.

بين ابن عباس أن الطلاق إنما يقع بمن غرضه أن يوقعه؛ لا لمن يكره وقوعه، كالحالف به، والمكره عليه، وعن عائشة أنها قالت: " كل يمين وإن عظمت فكفارتها كفارة اليمين بالله"، وهذا يتناول جميع الأيمان: من الحلف بالطلاق، والعتاق، والنذ، وغير ذلك.

والقول بأن الحالف بالطلاق لا يلزمه الطلاق، مذهب خلق كثير من السلف والخلف؛ لكن فيهم من لا يُلزمه الكفارة: كداود وأصحابه، ومنهم من يلزمه كفارة يمين: كطاووس وغيره من السلف والخلف.

والأيمان التي يحلف بها الخلق ثلاثة أنواع... "الثالث": أن يُعقِد اليمين لله فيقول: إن فعلت كذا فعلي الحج، أو مالي صدقة، أو فنسائي طوالق، أو فعبيدي أحرار؛ ونحو ذلك، فهذه فيها الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما لزوم المحلوف به، وإما الكفارة، وإما لا هذا ولا هذا.

وليس في حكم الله ورسوله إلا يمينان: يمين من أيمان المسلمين ففيها الكفارة، أو يمين ليست من أيمان المسلمين: فهذه لا شيء فيها إذا حنث، فهذه الأيمان إن كانت من أيمان المسلمين، ففيها كفارة؛ وإن لم تكن من أيمان المسلمين، لم يلزم بها شيء، فأما إثبات يمين يُلزم الحالف بها ما التزمه، ولا تجزئه فيها كفارة-: فهذا ليس في دين المسلمين؛ بل هو مخالف للكتاب والسنة.

والله تعالى ذكر في سورة التحريم حكم أيمان المسلمين، وذكر في السورة التي قبلها حكم طلاق المسلمين؛ فقال في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 1، 2]، وقال في سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].

فهو سبحانه بين في هذه السورة حكم الطلاق، وبين في تلك حكم أيمان المسلمين؛ وعلى المسلمين أن يعرفوا حدود ما أنزل الله على رسوله، فيعرفوا ما يدخل في الطلاق، وما يدخل في أيمان المسلمين، ويحكموا في هذا بما حكم الله ورسوله، ولا يتعدوا حدود الله؛ فيجعلوا حكم أيمان المسلمين، وحكم طلاقهم حكم أيمانهم؛ فإن هذا مخالف لكتاب الله وسنة رسوله...

والاعتبار - الذي هو أصح القياس وأجلاه - إنما يدل على قول من فرق بين هذا وهذا، مع ما في ذلك من صلاح المسلمين في دينهم ودنياهم، إذا فرقوا بين ما فرق الله ورسوله بينه، فإن الذين لم يفرقوا بين هذا وهذا، أوقعهم هذا الاشتباه: إما في آصار وأغلال، وأما في مكر واحتيال". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فإن كان زوجك يقصد بتعليق الطلاق لتلك المدة منعك من الكلام، وراغبًا عن طلاقك، وحريص عليك- فلا يقع الطلاق بالحنث، ويجب عليه كفارة يمين؛ لأنه حنث عن يمينه.

وأما إن كان راغبًا في طلاقك، فيقع الطلاق إجماعًا،، والله أعلم.