زوجي والإفطار العمد في رمضان
خالد عبد المنعم الرفاعي
أشعر بضيق شديد هذا رابع رمضان مع زوجي وهو يفطر بدون عذر فهل عليا إثم في استمرار زواجي به خاصة أنه يفعل ذلك دون خجل أو حتى الشعور بالذنب
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - العقيدة الإسلامية -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشعر بضيق شديد هذا رابع رمضان مع زوجي وهو يفطر بدون عذر فهل عليا إثم في استمرار زواجي به خاصة أنه يفعل ذلك دون خجل أو حتى الشعور بالذنب .
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن الإيمان ليس مجرد كلمة تقال باللسان، وإنما هو الإقرار باللسان، والاعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، مع النية الصادقة.
كما أن الإسلام هو الاستسلام الظاهر لله تعالى بفعل كل طاعة فرضها الله، والإيمان أعظم خصلة من خصال الإسلام، فالإسلام في الأصل هو عمل القلب والجوارح، ومن لم يستسلم لله كان مستكبرًا عن عبادته. ومن لم يخضع لله بالعبودية، فليس بمسلم.
إذا تقرر هذا، فالذي يظهر من حال زوجك أنه تارك لجنس الصيام، وحاله ليس كحال من أفطر يومًا، أو حتى أيام معدودات، فهذا مؤمن بفريضة الصيام، ولكنه ضعيف الإيمان، فيتمكن الشيطان من إغوائه، بخلاف من ترك الصيام بالكلية، فهو دليل على عدم تصديقه بفرضية الصيام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/ 611):
"الإيمان قولاً وعملاً كما تقدم، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنًا إيمانًا ثابتًا في قلبه، بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته؛ فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة لا مع إيمان صحيح؛ ولهذا إنما يصف سبحانه الكفار بالامتناع من السجود كقوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ*خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 42-43].
وتأملي كلامه في جامع الرسائل (2/ 290) في معرض كلامه عن شروط بقاء المعصية في رتبتها، لتعلمي سبب عدم شعور زوجك بالذنب، وعدم خجله؛ فقال:
"وَإِذا فعل مكروهات؛ فلضعف بَعْضهَا فِي قلبه، أَو لقُوَّة محبتها الَّتِي تغلب بَعْضهَا، فالإنسان لَا يَأْتِي شَيْئًا من الْمُحرمَات: كالفواحش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم وَالْبَغي بِغَيْر الْحق والشرك بِاللَّه مالم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَالْقَوْل على الله بِغَيْر علم، إِلَّا لضعف الْإِيمَان فِي أَصله أَو كَمَاله، أَو ضعف الْعلم والتصديق، وَإِمَّا ضعف الْمحبَّة والبغض.
لَكِن إِذا كَانَ أصل الْإِيمَان صَحِيحًا وَهُوَ التَّصْدِيق، فَإِن هَذِه الْمُحرمَات يَفْعَلهَا الْمُؤمن مَعَ كَرَاهَته وبغضه لَهَا، فَهُوَ إِذا فعلهَا لغَلَبَة الشَّهْوَة عَلَيْهِ، فَلَا بُد أَن يكون مَعَ فعلهَا فِيهِ بغض لَهَا، وَفِيه خوف من عِقَاب الله عَلَيْهَا، وَفِيه رَجَاء لِأَن يخلص من عقابها، إِمَّا بتوبة وَإِمَّا حَسَنَات، وَإِمَّا عَفْو وَإِمَّا دون ذَلِك، وَإِلَّا فَإِذا لم يبغضها وَلم يخف الله فِيهَا وَلم يرج رَحمته فَهَذَا لَا يكون مُؤمنًا بِحَال بل هُوَ كَافِر أَو مُنَافِق"
فابذُلي الغاية القصوى في نصْحِ زوجك، ولتستعيني على ذلك بمن يقبل منه، وبيِّني له حكم ترك الصيام بالكلية، واستعيني بالله، واصبري واحتسبي الأجر عند الله، فإنِ استجاب وتاب، فذلك خير، وإلاَّ فلا خيرَ في البقاء معه، لأنه يخشى أن يؤثر عليك سلبًا، كما أنه قدوة سيئة للأولاد، خصوصًا وأنه لا يتحرج من معصيته، ولك طلب الطَّلاق منه، وسوف يُغْنيك الله - عزَّ وجلَّ - من فضله، وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}،، والله أعلم.