الصلاة بدون اغتسال من العادة السرية

خالد عبد المنعم الرفاعي

انا فتاه كنت امارس العادة السرية منذ مدة والان تركتها والحمدلله ولكني حينما كنت امارسها كنت لا اغتسل بل اتوضأ واصلي مباشره بدون الغسل كنت اظن ان الغسل فقط من الجنابة مجامعة الزوج لزوجته ... فما الذي يجب علي تجاه صلواتي التي صليتها بدون اغتسال من العادة السريه

  • التصنيفات: فقه العبادات - فقه الصلاة -
السؤال:

انا فتاه كنت امارس العادة السرية منذ مدة والان تركتها والحمدلله ولكني حينما كنت امارسها كنت لا اغتسل بل اتوضأ واصلي مباشره بدون الغسل كنت اظن ان الغسل فقط من الجنابة مجامعة الزوج لزوجته وبعد فترة علمت انه يجب الغسل وان الصلاة تبطل بعد العادة السريه والانزال

فما الذي يجب علي تجاه صلواتي التي صليتها بدون اغتسال من العادة السريه مع العلم اني لم احصي الايام ولكني عندما بحثت سمعت بانه يجب علي احصاء تلك الايام وان اقضيها وان لم استطع احصاءها فاصلي ما يغلب على ظني اني احصيتها ،والان فكرت ان اصلي مايقارب سنتان ونصف او الى ثلاث سنوات منذ بدايه ممارستي الى علمي بوجوب الاغتسال بعدها ،واني اخاف الله واشعر احيانا اني لم اقضها فان الله سوف يعذبني ويغضب علي لعدم لقضائها

فاعينوني على معرفه الصواب بعد الله من فضلكم وان كان لا يجب علي قضاءها وقضيتها اجتهاداً مني فما حكم ذلك؟ افيدوني اثابكم الله مع الدليل .

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فمن تأمل سنة النبي صلى الله عليه وسلم المتواترة، علم علمًا يقينيًا أن رسول الله لم يأمر مخطئًا أو جاهلاً بالقضاء الإعادة، سواء في الصلاة أو الصيام أو الحج أو غيرها، إلا إن علم الخطأ أثناء الوقت فحينئذ فتجب الإعادة، أما إن كان خرج الوقت، فلا يصح أنه صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا بالقضاء. 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 101)
"المكلف قبل بلوغ الخطاب له فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره:

أحدها: يثبت مطلقًا، والثاني: لا يثبت مطلقًا، والثالث: يثبت حكم الخطاب المبتدأ دون الخطاب الناسخ؛  وعلى هذا: لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص، مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ، ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص، فهل عليه إعادة ما مضى؟

فيه قولان هما روايتان عن أحمد، ونظيره أن يمس ذكره، ويصلي ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر.

والصحيح في جميع هذه المسائل، عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطإ والنسيان، ولأنه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين، لم يَثْبُت حكم وجوبه عليه، ولهذا؛ لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر وعمارًا - لمَّا أجنبا - فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ - أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة، لمَّا كان يُجنِب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة - حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود – بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس - قبل بلوغ النسخ لهم – بالقضاء.

ومن هذا الباب، المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي؛ لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان:

أحدهما: لا إعادة عليها؛ كما نقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: إني حِضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتني الصلاة والصيام، أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي.

وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر: أن في النساء والرجال بالبوادي، وغير البوادي، مَن يَبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة: صلي، تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة، ظانَّة أنه لا يُخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة، كالعجوز ونحوها، وفي أتباع الشيوخ، طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات، سواء قيل: كانوا كفارًا، أو كانوا معذورين بالجهل". اهـ.

وقال أيضًا (22/ 40-42):

"أما تارك الصلاة فهذا إن لم يكن معتقدًا لوجوبها، فهو كافر بالنص والإجماع، لكن إذا أسلم ولم يعلم أن الله أوجب عليه الصلاة، أو وجوب بعض أركانها: مثل أن يصلي بلا وضوء، فلا يعلم أن الله أوجب عليه الوضوء، أو يصلي مع الجنابة، فلا يعلم أن الله أوجب عليه غسل الجنابة: فهذا ليس بكافر، إذا لم يعلم، لكن إذا علم الوجوب: هل يجب عليه القضاء؟

فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد ومالك وغيرهما. قيل: يجب عليه القضاء، وهو المشهور عن أصحاب الشافعي، وكثير من أصحاب أحمد، وقيل: لا يجب عليهالقضاء، وهذا هو الظاهر... والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك، ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ؛ لقوله تعالى {لأنذركم به ومن بلغ} وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]؛ ومثل هذا في القرآن متعدد، بين سبحانه أنه لا يعاقب أحدًا حتى يبلغه ما جاء به الرسول.

ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه؛ فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البُلوغ، فإنه لا يعذه على بعض شرائطه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى".

إذا تقرر هذا؛ فلا يجب عليك قضاء تلك الصلوات التي جهلت فيها أن غسل الجنابة شرط في صحة الصلاة، والله أعلم.