أحلام اليقظة والتخيلات الجنسية
خالد عبد المنعم الرفاعي
حكم التخيل والتفكير بأمور محرمة شرعًا أو أمور مباحة لكنها ليست على الواقع ...
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
السلام عليكم والرحمة
لدي 3 اساله ولكنها تدور حول موضوع واحد وهو حكم التخيل والتفكير بامور محرمه شرعاً او امور مباحا لكنها ليست على الواقع...
1- اتخيل انني فتاه املك لون بشره مختلف عن لوني الحقيقي وان لدي جمال يختلف عن جمالي الحقيقي و متزوجه ولدي زوج احلامي ولدي ابناءٌ منه و انني اجامعه ولدي ام صفاتها وخلقتها تختلف عن امي الحقيقيه ولدي اخوان مختلفون عن اخواني الحقيقيون واب مختلف عن ابي الحقيقي وهل بذلك عقوق او تذمر وسخط على قضاء الله وقدره و اخالط الرجال بدون اللباس الشرعي او بلباس عادي او لباس فاتن اي انه ماهي التخيلات المباحه والتخيلات المحرمة؟
2- سمعت ان تخيل الامور الجنسيه محرم فهل هذا صحيح وان تخيل الزنا واني امارس الجنس مع رجل اخر حتى لو لم اعرفه محرم فهل هذا صحيح وماذا لو تخيلت ذلك ولكن ليس بنية الزنا بل اتخيل وكاني مع زوج لي مع العلم اني لست متزوجة لاشبع رغبتي او لتعودي هذه التخيلات؟
3- ماحكم تخيل الحرام وهل يعد مثل فعل الحرام ؟
افيدوني مع الدليل اثابكم الله وما نصيحتكم لي حول ذلك.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن ما يدور في نفس الإنسان من أحاديث وأماني، وتعرف عند الأطباء النفسيين بأحلام اليقظة، هي في الحقيقة ضارة جدًا بالمسترسل معها حيث تغرق صاحبها في الخَدر ساعات أو أيامًا، وهو في الواقع لم يراوح مكانه، فسرعان ما يصاب بالإحباط، وضعف الهمة، لأنه يحقق رغباته ويشبع دوافعه التي يعجز عن تحقيقها في الواقع بالتخيلات والأحلام والمنى، ومن أعظم من حللها ووصف لها الدواء الناجع شيخ الإسلام ابن القيم فقال في كتابه "الجواب الكافي" (ص: 154)
"وأما الخطرات: فشأنها أصعب، فإنها مبدأ الخير والشر، ومنها تتولد الإرادات والهمم والعزائم، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه، ومن غلبته خطراته، فهواه ونفسه له أغلب، ومن استهان بالخطرات قادته قهرًا إلى الهلكات، ولا تزال الخطرات تتردد على القلب حتى تصير منى باطلة.
{كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: 39].
وأخس الناس همة وأوضعهم نفسًا، من رضي من الحقائق بالأماني الكاذبة، واستجلبها لنفسه وتجلى بها، وهي لعمر الله رؤوس أموال المفلسين، ومتاجر البطالين، وهي قوت النفس الفارغة، التي قد قنعت من الوصل بزورة الخيال، ومن الحقائق بكواذب الآمال، كما قال الشاعر:
أماني من سعدى رواء على الظمــا سقتنا بها سعدى على ظمأ بردًا
منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى وإلا فقد عشنا بها زمنا رغـــــدًا
وهي أضر شيء على الإنسان، ويتولد منها العجز والكسل، وتولد التفريط والحسرة والندم، والمتمني لما فاتته مباشرة الحقيقة بجسمه حول صورتها في قلبه، وعانقها وضمها إليه، فقنع بوصال صورة وهمية خيالية صورها فكره، وذلك لا يجدي عليه شيئًا، وإنما مثله مثل الجائع والظمآن، يصور في وهمه صورة الطعام والشراب، وهو لا يأكل ولا ويشرب.
والسكون إلى ذلك واستجلابه يدل على خسارة النفس ووضاعتها، وإنما شرف النفس وزكاؤها، وطهارتها وعلوها بأن ينفي عنها كل خطرة لا حقيقة لها، ولا يرضى أن يخطرها بباله، ويأنف لنفسه منها.
ثم الخطرات بعد أقسام تدور على أربعة أصول:
خطرات يستجلب بها العبد منافع دنياه.
وخطرات يستدفع بها مضار دنياه.
وخطرات يستجلب بها مصالح آخرته.
وخطرات يستدفع بها مضار آخرته.
فليحصر العبد خطراته وأفكاره وهمومه في هذه الأقسام الأربعة، فإذا انحصرت له فيها أمكن اجتماعه منها ولم يتركه لغيره، وإذا تزاحمت عليه الخطرات لتزاحم متعلقاتها، قدم الأهم فالأهم الذي يخشى فوته، وأخَّر الذي ليس بأهم ولا يخاف فوته". اهـ.
أما الخطرات الجنسية، أو التخيلات فهي أسوأ الخطرات، لأن تَخَيُّل الفتاة للأمور الجنسية، وتَمَنِّي القلب واشتهاؤه لذلك - نوع من الزنا؛ وقد يجر إلى الحرام؛ فعن أبى هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: «كُتِبَ على ابن آدم نصيبُه من الزِّنا مُدرِكٌ ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَا، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ»؛ متفق عليه.
قال الإمام أبو العباس القرطبي في "المُفهِم": "يعني : أن هواه وتمنيه: هو زناه. وإنما أُطْلِق على هذه الأمور كلها: زنا؛ لأنها مقدماتها، إذ لا يحصل الزنا الحقيقيُّ - في الغالب - إلا بعد استعمال هذه الأعضاء في تحصيله".
إذا تقرر هذا؛ فينبغي طرح تلك الخطرات عن نفسك، وأكثري من ذكر الله تعالى، والاستغفار،
والمحافظة على جميع الفرائض، واقرئي القرآن بتدبر،، والله أعلم.