استخدام الاجهزة التعويضية في الحج هل يفسد الإحرام
خالد عبد المنعم الرفاعي
من رحمة الإسلام وتيسيره على المسلمين، أنه أجاز للمحرم فعل ما يحتاجه من محظورات الإحرام بسبب المرض أو الأذى أو نحوهما، ولا إثم عليه للعذر، وهو مخير بين أحد خصال الفدية
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده على نعمه ... فقد ابتليت بشلل أطفال في الساق اليسرى مما يستلزم ارتداء جهاز تعويضي حتى استطيع المشي ارتداء هذا الجهاز يستلزم ارتداء بنطال اسفل منه حتى لا يحدث في الساق التهابات او جروح لان الجهاز مصنوع من الاستانلس ستيل او الحديد وفي اسفله يوجد حذاء (صندل) يصل إلى فوق الكعبين فهل لو ارتديت هذا الجهاز بهذا الوصف يستلزم فدية أو هدي؟ ولو استبدلت البنطال بقطعة قماش لفت على الساق لفا هل يستلزم فدية أو هديا؟ ... افتوني في أمري جزاكم الله خيراً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن حظر بعض المباحات على المحرم بالحج أو العمرة؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران أو وَرْسٌ).
ولكن من رحمة الإسلام وتيسيره على المسلمين، أنه أجاز للمحرم فعل ما يحتاجه من محظورات الإحرام بسبب المرض أو الأذى أو نحوهما، ولا إثم عليه للعذر، وهو مخير بين أحد خصال الفدية الواردة في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، في الصحيحين وغيرهما أنها نزلت في كعب بن عجرة رضي الله عنه، فقال له صلى الله عليه وسلم: (أيؤذيك هوامك؟)، قال ابن عون: وأظنه قال: نعم، قال: (فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك، ما تيسر)
وقد اتفق العلماء على أن من فعل من المحظورات شيئًا لعذر مرض أو دفع أذى، فإن عليه أن يتخير خصلة من خصال الفدية الواردة.
أما حكم لبس الصندل الذي يغطي الكعبين، فقد منع جمهور الفقهاء من لبس ما يغطي الكعبين، وأجازوا لبسه بشرط أن يقطع أسفل الكعبين؛ واحتجوا بحديث ابن عمر السابق.
وذهب الإمام أحمد في مشهور مذهبه إلى جواز لبس الخفين من غير قطع، واستدل بما رواه البخاري عن ابن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يجد إزارا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين) وكان ذلك يوم عرفة أي بعد حديث ابن عمر الذي أمر فيه بالقطع.
وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال في "مجموع الفتاوى" (26/ 109):
"والأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، فإن لم يجد نعلين لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقطع أولاً، ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزارًا، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص في المقطوع أولاً؛ لأنه يصير بالقطع كالنعلين.
ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين، سواء كان واجدًا للنعلين أو فاقدًا لهما، وإذا لم يجد نعلين ولا ما يقوم مقامهما، فله أن يلبس الخف ولا يقطعه، وكذلك إذا لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه، هذا أصح قولي العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في البدل في عرفات كما رواه ابن عمر". اهـ.
إذا تقرر هذا، فإن احتجت إلى لبس السراويل (البنطلون) تحت الجهاز التعويضي، فلا بأس وأنت مخير بفعل واحدة من خصال الفدية الثلاث، فإن استبدلت السراويل باللفائف، فلا شيء عليك؛ لأنها ليست كالسراويل ولا في معناها.
أما لبس الصندل الذي يغطي الكعبين، فلا شيء فيه، وليس فيه فدية، ولا يلزمك قطعه،، والله أعلم.