عدم العدل مع الزوجة الثانية

خالد عبد المنعم الرفاعي

ما هو حكم عدم العدل ف المبيت والمعامله مع الزوجه الثانيه والتفرقه في المعامله بين أبناء الزوجه الأولي والثانيه من الأب؟

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

ما هو حكم عدم العدل ف المبيت والمعامله مع الزوجه الثانيه والتفرقه في المعامله بين أبناء الزوجه الأولي والثانيه من الأب؟ 

والنصيحه التي يمكن أن توجهوها الي الزوج حيث إن كل مشاكلنا الكبيره والكثيره بسبب عدم العدل وبسبب إهانات زوجي المتكرره لي، فأنا أتغاضي كثيرا عن حقوقي وحقوق أبنائي ف المبيت والاهتمام وأنفجر ف النهايه وتحدث مشكلات كبيره بسبب هذه الاوضاع.

افيدوني افادكم الله

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالله تعالى رخّص في تعدُّد الزوجات لمواجهة ضرورات الفطرة الإنسانية، وواقعيات الحياة؛ حماية للمجتمع من الانحراف، تحت ضغط الضرورات الفطرية والواقعية، لبعض الرجال والنساء التي يتعذر عليها الزواج كزوجة أولى، غير أن الله تعالى قيد تلك الرخصة بما يحمي الحياة الأسرية من الفوضى والظلم، ويحمي كرامة الزوجة، ولم يترك ذلك لهوى الأزواج؛ فقال - تعالى -: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]، فالله سبحانه أمر بإقامة العدل في كل شيء، فقال: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90].

 قال الإمام الطبري في  تفسيره: "إن الله يأمر في هذا الكتاب الذي أنزله إليك يا محمد بالعدل، وهو الإنصاف".

 وتَوَعَّد - سبحانه - الظالمين بالعقوبة في الدنيا والآخرة؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَى عَنْ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا».

 ويتأكد تحريم الظلم في حق الزوجة التي أوجبت الشريعة الغراء إنصافها ومعاملتَها بالمعروف؛ كما أوجبت العدل بين الزوجات، والتسوية بينهن في القَسْم والنفقة والكسوة والمسكن، وغير ذلك من الأمور المادية التي في مقدور الرجال.

قال ابن قدامة في "المغني" (7/301): "لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القَسم خلافًا، وقد قال الله - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19]، وليس مع الميل معروف، وقال الله - تعالى -: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]".

وحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأزواج من عدم العدل، وبيَّنَ خطورة الظلم والحيف، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشِقُّه ساقط»؛ رواه والترمذي، وفي رواية أبي داود: «وشقه مائل»، والجزاء من جنس العمل، ولما لم يعدل أو حاد عن الحق، كان عذابه بأن يجيء يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وأحد شقيه مائل؛ ليكونَ هذا زيادةً له في التعذيب؛ لأنَّ الإفضاحَ أشدُّ العذاب، وهو تحذير تتصدع له القلوب وترجف له الأفئدة الحية؛ لهذا؛ ومن أجل هذا أمر الله - سبحانه وتعالى - بالاقتصار على واحدة لم آنس من نفسه ضعفًا وظلمًا؛ قال - تعالى – {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء:3]. قال الإمام القرطبي في تفسيره:

"فَمَنَعَ من الزيادة التي تؤدي إلى ترك العدل في القَسم وحسن العشرة، وذلك دليل على وجوب ذلك".  

فذكري زوجك بما ذكرناه أو أطلعيه على الجواب، فإن انصلح، فاطلبي المساعدة من أسرتك أو ممن له تأثير عليه، ليجلس معكما ويسمع شكواكِ وينصفك منه،، والله أعلم.