عورة المرأة

خالد عبد المنعم الرفاعي

هل يجوز أن تظهر البنت عورتها أمام اخواتها البنات و والدتها و كذلك الام أمام بناتها؟

  • التصنيفات: فقه الملبس والزينة والترفيه -
السؤال:

هل يجوز أن تظهر البنت عورتها أمام اخواتها البنات و والدتها و كذلك الام أمام بناتها؟ في حين أنهم جميعا بلغوا سن الحيض

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فعورة المرأة المسلمة بالنسبة للمرأة المسلمة، كعورة الرجل إلى الرجل، وهي بين السرة والركبة؛ كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: «ما بين السرة والركبة عورة»؛ رواه أحمد أبو داود.

وهذا القول هو الراجح عند الحنفية، وهو قول المالكية - في المشهور - والشافعيةِ في - المعتمد - والحنابلةِ؛ واحتجوا بما رواه مسلمٌ عن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال: «لا ينظرُ الرجلُ إلى عورةِ الرجل، ولا المرأةُ إلى عورةِ المرأة، ولا يُفضِي الرجلُ إلى الرجلِ في ثوبٍ واحد، ولا تُفضِي المرأةُ إلى المرأةِ في الثوبِ الواحد»، فنهى صلى الله عليه وسلم ألا يضطجعان متجردين تحت ثوب واحد، ولما بين رسول الله أن عورة الرجل بالنسبة للرجل، بين السرة والركبة، فيقاس نَظَر المرأةِ لعورة المرأة عَلَى نَظَر الرجلِ إلى الرجلِ؛ بجامعِ اتِّحاد الجنس، ولأمن الفتنة، ولأن اتحاد الجنس يوجب عدمِ الخوف من الشهوة، لأن عندها ما عند أختها، وهذا القول هو الأقوى من جهة الأثر والنظر.

مذهب الحنفية:

قال في "بدائع الصنائع" (6/2961):  

"... فَتَنْظُرُ الْمَرْأَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى سَائِرِ جَسَدِهَا، إلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ خَوْفُ الشَّهْوَةِ وَالْوُقُوعِ فِي الْفِتْنَةِ؛ كَمَا لَيْسَ ذَلِكَ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ، حَتَّى لَوْ خَافَتْ ذَلِكَ تَجْتَنِبُ عَنْ النَّظَرِ كَمَا فِي الرَّجُلِ، وَلا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا إلَى الرُّكْبَةِ، إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ؛ بِأَنْ كَانَتْ قَابِلَةً، فَلا بَأْسَ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوِلادَةِ"؛ ومثله في تبيين الحقائق: (6 / 18)، والمبسوط: (10 / 147).

وقال في "مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج" (3 / 130) ":

"(والمرأة مع امرأة كرجل ورجل)؛ الشرح:

(والمرأة) البالغة؛ حكمها (مع امرأةٍ) مثلِها في النظر؛ (كرجل)؛ أي: كنظر رجلٍ (ورجل) فيما سبق، فيجوز مع الأمن، ما عدا ما بين السرة والركبة، ويحرم مع الشهوة، وخوف الفتنة". اهـ.

وقال في "المغني" (7 / 105):

"وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ، حُكْمُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ سَوَاءٌ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمَتَيْنِ, وَبَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ،كَمَا لا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ, وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ, فِي النَّظَرِ". اهـ.  

وقال المرداوي في "الإنصاف" (8/24):

 "قوله: (وللمرأة مع المرأة، والرجلِ مع الرجل؛ النظرُ إلى ما عدا ما بين السرة والركبة)؛ يجوز للمرأة المسلمة النظرُ من المرأة المسلمة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة؛ جزم به في "الهداية", و"المذهب", و"المستوعب", و"الخلاصة", والمصنف - هنا - وصاحب "الرعاية الصغرى", و"الحاوي الصغير", و"الوجيز", و"شرح ابن منجا", وغيرهم، وقدمه في "الرعاية الكبرى"؛ والصحيح من المذهب: أنها لا تنظرُ منها إلا إلى غير العورة، وجزم به في "المحرر", و"النظم", و"الفروع", و"الفائق", و"المنور"، ولعل من قطع - أولًا - أراد هذا، لكنَّ صاحب "الرعاية" غاير بين القولين؛ وهو الظاهر". اهـ.

وعليه، فلا يجوز للأم أن تنظر إلى ما بين السرة والركبة من بناتها، وكذلك البنات لا ينظر لعورة أمها، والله أعلم.