اختيار الزوجة
خالد عبد المنعم الرفاعي
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن المتأمل في سنة النبي يعلم أنه لم يهمل الجمال في الزوجة، كيف وقد إباح النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، كما روى جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) قال: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها، رواه أحمد وأبو داود.
وقد نصح رسول صلى الله عليه وسلم رجلا خطب امرأة من الانصار فقال له (انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) وفي رواية: (انظر إليها فان في أعين الانصار شيئا) أي تدوم بينكما المودة والعشرد، ولأن الزوجة سكن ولباس فحرص الشارع على حسن الاختيار.
قال في "شرح منتهى الإرادات"(2/ 624):
"ومعنى يؤدم أي يؤلف ويوفق، والأمر بذلك بعد الحظر فهو للإباحة، (ويكرره ويتأمل المحاسن) بلا إذن (المرأة) إن أمن الشهوة أي ثورانها".
والحاصل أن الشريعة الإسلامي جاءت موافقة لم خلقه الله في للفطرة، والإنسان بطبيعته يعشق الجمال ويهواه، فكان من محاسن الشريعة أن أباحت الاختيار للرجل حتى يشعر أنه فاقد لشيء إذا كان الجميل بعيدًا عنه، يبين هذا أيضًا حثّ الشارع على نكاح الأبكار، ففي الصحيحين لما تزوج جابر بن عبد الله ثيبًا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك؟).
فالجمال مطلوب ولكن مع الحرص على أن تكون المرأة صاحبة خلق ودين؛ لأن العشرة طويلة فقال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك).
فالإسلام لم يسقط الجمال عند اختيار الزوجة، لأن الجمال يحصل به تمام العفاف للزوج، كما روى أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره)؛ وهو حديث صحيح.
والحديث يشمل الحسن الظاهر وهو جمال الصورة، والحسن الباطن وهو الدين والخلاق.
قال ابن قدامة في "المغني" (7/ 108):
"ويختار الجميلة؛ لأنها أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأكمل لمودته، ولذلك شرع النظر قبل النكاح".
وعليه، فإن كنت لا تشعر بالراحة بعد الاستخارة، فلا تقدم على الزواج من تلك الفتاة ولتبحث عن غيرها ممكن تسكن إليها نفسك،، والله أعلم.