مرض المازوخية
خالد عبد المنعم الرفاعي
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالمازوخية هي إحدى اضطرابات الإيثار أو "التفضيل الجنسي" " Sexual Preference Disorder "، أي شذوذ جنسي يحصل فيه المريض على الإثارة واللذة الجنسية والإشباع الجنسي من استقبال الألم الجسدي، ومن أجل تحقيق اللذة الجنسية.
المازوخية باستقبال الألم الجسدي والإذلال والإهانة. كل هذه السلوكيات أو التخيلات تكون مثيرًا لاهتمام الرجل أو محفزًا للأداء الجنسي والحصول على اللذة الجنسية والإشباع الجنسي.
إذا علم هذا، فالمازوخية مرض نفسي يحتاج للعلاج والبحث عن طيب نفسي متخصص.
أما الشق الشرعي فيها فهو عدم الاستسلام لهذا المرض، أو محاولة تبريره، والذي يظهر من رسالتك أنك كاره لهذا الداء، وهذا شرط من شروط صحة التوبة، وسأنقل لك كلام رائعًا للشيخي الإسلام في أمر التوبة، حيث بينا أن شرط بقاء المحرم معصية فقط أن يكون كارها لها، وخائف من عقاب الله، وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه قاعدة في المحبة (ص: 104):
"لإنسان لا يفعل الحرام إلا لضعف إيمانه ومحبته وإذا فعل مكروهات الحق فلضعف بعضها في قلبه أو لقوة محبتها التي تغلب بعضها فالإنسان لا يأتي شيئا من المحرمات كالفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق والشرك بالله مالم ينزل به سلطانا والقول على الله بغير علم إلا لضعف الإيمان في أصله أو كماله أو ضعف العلم والتصديق وإما ضعف المحبة والبغض
لكن إذا كان أصل الإيمان صحيحا وهو التصديق فإن هذه المحرمات يفعلها المؤمن مع كراهته وبغضه لها فهو إذا فعلها لغلبة الشهوة عليه فلا بد أن يكون مع فعلها فيه بغض لها وفيه خوف من عقاب الله عليها وفيه رجاء لأن يخلص من عقابها إما بتوبة وإما حسنات وإما عفو وإما دون ذلك وإلا فإذا لم يبغضها ولم يخف الله فيها ولم يرج رحمته فهذا لا يكون مؤمنا بحال بل هو كافر أو منافق"
وذكر الإمام ابن القيم ضابطا للمعصية التي يوفق صاحبها للتوبة فقال في مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 283):
والله تعالى إنما يغفر للعبد إذا كان وقوع الذنب منه على وجه غلبة الشهوة وقوة الطبيعة فيواقع الذنب مع كراهته له من غير إصرار في نفسه فهذا ترجى له مغفرة الله وصفحه وعفوه لعلمه تعالى بضفعه وغلبة شهوته له وأنه يرى كل وقت مالا صبر له عليه فهو إذا واقع الذنب واقعه مواقعة ذليل خاضع لربه خائف مختلج في صدره شهوة النفس الذنب وكراهة الايمان له فهو يجيب داعي النفس تاره وداعي الايمان تارات فاما من بنى امره على ان لا يقف عن ذنب ولا يقدم خوفا ولا يدع لله شهوة وهو فرح مسرور يضحك ظهرا لبطن إذ ظفر بالذنب فهذا الذي يخاف عليه ان يحال بينه وبين التوبة ولا يوفق لها".
هذا؛ والله أعلم.